للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ} [الأنعام: ٥٩] ،

وقوله: {وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنثَى وَلا تَضَعُ إِلاَّ بِعِلْمِهِ} [فاطر: ١١] ،

في هذه الآيات الكريمات إثبات صفتي العلم، والحكمة لله – تعالى-.

فأما صفة علم الله – تعالى – فأدلة إثباتها كثيرة، فإن "في القرآن والحديث، والآثار ما لا يكاد يحصر"١من النصوص الدالة على ثبوت صفة العلم لله – تعالى – و"هو – سبحانه – يعلم ما كان، وما يكون، وما لم يكن لو كان كيف كان يكون"٢. "ولهذا كان قول المرسلين: إن الله أحصى كل شيء عدداً، فهو يعلم أوزان الجبال، ودورات الزمان، وأمواج البحار، وقطرات المطر، وأنفاس بني آدم: {وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ} [الأنعام: ٥٩] ٣.

وهو – سبحانه – "يعلم المعدومات، والممتنعات التي ليست مفعولة، وكما يعلم المقدرات كقوله: {وَلَوْ رُدُّواْ لَعَادُواْ لِمَا نُهُوا عَنْهُ} [الأنعام: ٢٨] ، وقوله: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلاَّ اللَّهُ لَفَسَدَتَا} [الأنبياء: ٢٢] ، وإن كان وجود إله غيره ممتنعاً، فعلمه – سبحانه – بما يعلمه، ليس من شرطه كونه مفعولاً له، بل كونه مفعولاً له دليل على أنه يعلمه، والدليل لا ينعكس"٤. فالله – جل شأنه – "العليم الذي له العلم العام للواجبات، والممتنعات، والممكنات، فيعلم نفسه الكريمة، وصفاته المقدسة، ونعوته العظيمة، وهي الواجبات التي لا يمكن إلا وجودها، ويعلم الممتنعات


١ جامع الرسائل والمسائل (١/١٨٣) .
٢ المصدر السابق، وانظر: درء تعارض العقل والنقل (١٠/١٧٩) .
٣ درء تعارض العقل والنقل (١٠/١٧٣) .
٤ المصدر السابق (١٠/١٢٩) .

<<  <   >  >>