للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

فالله – تبارك اسمه – هو العلي "الأعلى بجميع معاني العلو. وقد اتفق الناس على أنه علي على كل شيء بمعنى أنه قاهر له، قادر عليه، متصرف فيه، كما قال: {إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلاَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ} [المؤمنون: ٩١] . وعلى أنه عالٍ عن كل عيب ونقص، فهو عالٍ عن ذلك، منزه عنه، كما قال-تعالى-: {وَلاَ تَجْعَلْ مَعَ اللهِ إِلَهًا آخَرَ فَتُلْقَى فِي جَهَنَّمَ مَلُومًا مَّدْحُورًا أَفَأَصْفَاكُمْ رَبُّكُم بِالْبَنِينَ وَاتَّخَذَ مِنَ الْمَلآئِكَةِ إِنَاثًا إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ قَوْلاً عَظِيمًا وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآنِ لِيَذَّكَّرُواْ وَمَا يَزِيدُهُمْ إِلاَّ نُفُورًا قُل لَّوْ كَانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَمَا يَقُولُونَ إِذًا لاَّبْتَغَوْا إِلَى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلاً سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا} [الإسراء: ٣٩– ٤٣] فقرن تعاليه عن ذلك بالتسبيح"١، فدل على أنه منزه عن كل عيب، ونقص – تبارك وتعالى-.

أما علو الله بذاته على خلقه فهو محل الخلاف بين أهل السنة والجماعة، وبين غيرهم من الفرق، فإن "المنازع يسلم أنه موصوف بعلو المكانة، وعلو القهر، وعلو المكانة معناه أنه أكمل من العالم، وعلو القهر مضمونه أنه قادر على العالم"٢.

والمخالفون لأهل السنة في صفة علو الله – تعالى –، ثلاث فرق:

الأولى: معطلة الجهمية، "وهم الذين يقولون: لا داخل العالم، ولا خارجه، ولا مباين له، ولا محايث له، فينفون الوصفين المتقابلين اللذين لا يخلو موجود عن أحدهما، كما يقول ذلك أكثر المعتزلة ومن وافقهم من غيرهم"٣.

الثانية: حلولية الجهمية، وهم "الذين يقولون: إنه بذاته في كل مكان"٤.


١ مجموع الفتاوى (١٦/١١٩) .
٢ درء تعارض العقل والنقل (٧/٦) .
٣ مجموع الفتاوى (٢/٢٩٨) .
٤ المصدر السابق.

<<  <   >  >>