للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

في هذه الآيات الكريمات إثبات معية الله – تعالى – لخلقه. "والمعية في كتاب الله على وجهين: عامة، وخاصة.

فالعامة كقوله – تعالى –: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ} [الحديد: ٤] ، وقوله: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلاثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلاَّ هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى مِن ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلاَّ هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [المجادلة: ٧] .

فهذه معية عامة لكل متناجيين، وكذلك الأولى عامة لجميع الخلق"١.

"وأما المعية الخاصة ففي قوله – تعالى –: {إِنَّ اللهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ} [النحل: ١٢٨] ، وقوله – تعالى – لموسى: {إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى} [طه: ٤٦] ، وقال – تعالى-: {إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنَا} [التوبة: ٤٠] يعني النبي صلى الله عليه وسلم، وأبا بكر رضي الله عنه فهو مع موسى، وهارون دون فرعون، ومع محمد، وصاحبه دون أبي جهل، وغيره من أعدائه، ومع الذين اتقوا، والذين هم محسنون دون الظالمين المعتدين"٢.

وقد دل على معية الله – تعالى – لخلقه كتاب الله، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وإجماع "الصحابة، والتابعين لهم بإحسان، ولم يخالفهم فيه أحد يعتد بقوله"٣.

و"لفظ المعية قد استعمل في الكتاب، والسنة في مواضع يقتضي في


١ منهاج السنة النبوية (٨/٣٧٢ – ٣٧٣) .
٢ مجموع الفتاوى (٥/١٠٤) .
٣ المصدر السابق (٥/٤٩٥) .

<<  <   >  >>