للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

مجال، وكذلك لو أن الصحابي فعل عبادة لم ترد بها السنة، لقلنا هذا أيضاً مرفوع حكماً.

ومثَّلوا لذلك بأن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - صلى في صلاة الكسوف، في كل ركعة ثلاث ركوعات١، مع أن السنة جاءت بركوعين في كل ركعة٢، وقالوا: هذا لا مجال للرأي فيه، ولا يمكن فيه اجتهادٌ، لأن عدد الركعات أمرٌ توقيفي يحتاج إلى دليل من الكتاب أو السنة، فلولا أن عند علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - علماً بهذا ما صلى ثلاث ركوعات في ركعة واحدة، فهذا مرفوعٌ حكماً؛ لأنه لا مجال للاجتهاد فيه.

وكذلك إذا قال الصحابي: من السنة كذا، فإنه مرفوع حكماً؛ لأن الصحابي إذا قال: من السنة، فإنما يعني به سنة الرسول صلى الله عليه وسلّم، كقول ابن عباس - رضي الله عنهما - حين قرأ الفاتحة في صلاة الجنازة وجهر بها، قال: لتعلموا أنها سنة، أو ليعلموا أنها سنة٣.

وكما قال أنس بن مالك - رضي الله عنه -: من السنة إذا تزوج البكر على الثيب، أقام عندها سبعاً٤، فهذا وأمثاله يكون من المرفوع حكماً؛ لأن الصحابي لا يُضيف السنة إلا إلى سنة الرسول صلى الله عليه وسلّم.

وأيضاً لو أخبر أحدٌ من الصحابة عن الجنة والنار لقلنا: هذا


١ المغني ٣/٣٢٨.
٢ أخرجه البخاري كتاب صلاة الكسوف باب خطبة الإمام في الكسوف ١٠٤٦ ومسلم كتاب صلاة الكسوف باب ذكر عذاب القبر في صلاة الخسوف ٨ – ٩٠٣.
٣ أخرجه البخاري كتاب الجنائز باب قراءة الفاتحة ١٣٣٥.
٤ أخرجه البخاري كتاب النكاح باب إذا تزوج البكر على الثيب ٥٢١٣. ومسلم كتاب الرضاع باب قدر ماتستحقه البكر

<<  <   >  >>