للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

"ورجل تصدق بصدقةٍ فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه" فقلبه بعض الرواة فقال: "حتى لا تعلم يمينه ما تنفق شماله" فهذا مقلوب، لأنه جعل اليمين شمالاً، والشمال يميناً.

ومن ذلك الحديث الذي ثبت في صحيح البخاري "أنه يبقى في النار فضلٌ عمن دخلها، فينشئ الله لها أقواماً يدخلهم النار" فهذا الحديث منقلبٌ على الراوي وصوابه "أنه يبقي في الجنة فضلٌ عمن دخلها من أهل الدنيا فينشئ الله لها أقواماً فيدخلهم الجنة" ١ الحديث.

وذلك لأنه - أي إنشاء أقوام للنار - ينافي كمال عدل الله تعالى إذ كيف يمكن أن يُنشأ الله تعالى أقواماً للعذاب، ولأنه ينافي الحديث الصحيح "لا يزال يُلقى في النار وهي تقول هل من مزيد، حتى يضع الله تعالى عليها قدمه فينزوي بعضها إلى بعض وتقول: قط قط" ٢.

ومثال آخر: حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلّم قال: "إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير وليضع يديه قبل ركبتيه" ٣ انقلب هذا الحديث على الراوي فقال: "وليضع يديه قبل ركبتيه" والصواب: "وليضع ركبتيه قبل يديه" وإنما قلنا ذلك لأن هذا التفريع يخالف أول الحديث، فأول الحديث "فلا يبرك كما يبرك البعير" فالنهي عن التشبه بالبعير في صفة السجود "فلا يبرك كما يبرك" ونحن إذا


١ تقدم تخريجه ص ٣٠.
٢ أخرجه البخاري كتاب التوحيد ومسلم كتاب الجنة باب قوله تعالى: {وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} ٧٣٨٤.
٣ رواه الإمام أحمد جـ ٢ ص ٣٨١ وأبو داود في الصلاة باب كيف يضع ركبته قبل يديه ٨٤٠ والنسائي في الصلاة باب أول ما يصل إلى الأرض من الإنسان في سجوده ١٠٩٢.

<<  <   >  >>