شاهدنا البعير نراه إذا برك، فإنه يقدم يديه قبل ركبتيه، حيث إنه أول ما يبرك ينزل مقدمه قبل مؤخره، وأنت إذا قدمت يديك نزل مقدمك قبل مؤخرك، فأشبهت بروك البعير.
فإذا قيل:"وليضع يديه قبل ركبتيه" صار لا يناسب أول الحديث، والذي يناسبه "وليضع ركبتيه قبل يديه"، وقد ظن بعض العلماء أن الحديث ليس فيه قلب، وقال: إن ركبة البعير في يديه، ونحن نُسلِّم أن ركبة البعير في يديه.
ولكن الحديث لم يقل فيه الرسول صلى الله عليه وسلّم: فلا يبرك على ما يبرك عليه البعير، فإنه لو قال كذلك لقلنا: لا تبرك على الركبتين لأن البعير يبرك على ركبتيه، لكن النبي صلى الله عليه وسلّم قال:"فلا يبرك كما" والكاف هنا للتشبيه، وبين العبارتين فرق.
فإذا عرفنا أن مدلول قوله "فلا يبرك كما يبرك البعير" أي لا يقدِّم يديه فينزل مقدمه قبل مؤخره، ولأن النزول في السجود بالركبتين، هو الوضع الطبيعي.
ففي الوضع الطبيعي أول ما ينزل إلى الأرض هو ما يلي الأرض وهو الركبة ثم اليد ثم الجبهة والأنف١.
١ حقق شيخنا – رحمه الله وغفر له – هذه المسألة في مجموع الفتاوى جـ ١٣ ص ١٧٥ – ١٧٩.