للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ثانياً، فارتكبوا ما لا يليق بالله ايتداء وانتهاء ولو كانت قلوبهم عارفة بالله كما ينبغي معظمين الله كما ينبغي، طاهرة من أقذار التشبيه، لكان المتبادر عندهم السابق إلى فهمهم: أن وصف الله جل وعلا بالغ من الكمال والجلال مما يقطع أوهام علائق المشابهة بينه وبين صفات المخلوقين، فتكون قلوبهم مستعدة للإيمان بصفات الكمال والجلال الثابتة لله في القرآن والسنة النبوية الصحيحة، مع التنزيه التام عن مشابهة صفات الله الخالق على نحو قوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: ١١] ١.

لذا قال الإمام الذهبي في حق أمثال هؤلاء: "صار الظاهر اليوم ظاهرَين أحدهما: حقٌّ، والثاني: باطلٌ.

فالحق أن يقول: إنه سميع بصير، مريد متكلم حي عليم، كل شيء هالك إلا وجهه، خلق آدم بيديه وكلم موسى تكليماً، واتخذ إبراهيم خليلاً، وأمثال ذلك؛ فنمرّه على ما جاء، ونفهم منع دلالة الخطاب كما يليق به تعالى ولا نقول: تأويل يخالف ذلك.

والظاهر الآخر وهو الباطل والضلال: أن تعتقد قياس الغائب على الشاهد وتمثل البارئ بخلقه، تعالى عن ذلك، بل صفاته كذاته فلا عدل له ولا ضد له ولا نظير له ولا مثل له، ولا شبيه له وليس كمثله شيء، لا في ذاته ولا في صفاته"٢.

١٧ ـ التفويض عند المتكلمين:

هو ما جمع الأمور الآتية:

١ ـ أن ظاهر النصوص الواردة في الصفات غير مراد لأن ظاهرها التشبيه.


١ أضواء البيان (٢/٣٢.) ؛ وانظر: منهج دراسات لآيات الأسماء والصفات (ص٤.) .
٢ سير أعلام النبلاء (٩/٤٤٩) .

<<  <   >  >>