الإيمان بالقدر والشرع أحد أركان الإيمان بالستة التي بينها رسول الله صلى الله عليه وسلم لجبريل حين سأله عن الإيمان فقال:"أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره"(أخرجه مسلم ٨/١) .
فلا بد للإنسان من الإيمان بالقدر لأنه أحد أركان الإيمان الستة، ولأنه من تمام توحيد الربوبية، ولأنه به تحقيق التوكل على الله وتفويض الأمر إليه مع القيام بالأسباب الصحيحة النافعة، ولأن به اطمئنان الإنسان في حياته حيث يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه وأن ما أخطأه لم يكن ليصيبه، ولأنه ينتفي الإعجاب بالنفس عند حصوله المراد؛ لأنه يعلم أن حصوله بقدر الله وإنَّ عمله الذي حصل به مراده ليس إلا مجرد سبب يسره الله له، ولأن به يزول القلق والضجر عند فوات المراد، أو حصول المكروه، لأنه يعلم أن الأمر كله لله فيرضى ويسلم، وإلى هذين الأمرين يشير قوله تعالى:{مَا أصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الأرْضِ وَلا فِي أنْفُسِكُمْ إِلآ فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أنْ نَبْرَأهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ * لِكَيْ لا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ}[الحديد: ٢٢ـ٢٣] .
ولابد للإنسان أيضاً من الإيمان بالشرع وهو ما جاءت به الرسل من أمر الله ونهيه، وما يترتب عليهما من الجزاء ثواباً أو عقاباً، فيقوم بما يلزمه نحو الأمر والنهي، ويؤمن بما يترتب عليهما من الجزاء.
وذلك لأن الإنسان مريد فلا بد له من فعل يدرك به ما يريد، ويدفع به ما لا يريد، ولا بد له من ضابط يضبط تصرفه لئلا يقع فيما يضره، أو يفوته من حيث لا يشعر، والشرع الإلهي الذي جاءت به الرسل هو الذي يضبط ذلك، ويصدر الحكم الذي به التمييز بين النافع والضار، والصالح والفاسد، لأنه من عند الله العليم الرحيم الحكيم.
والعقول وإن كانت تدرك النافع والضار في الجملة لكن تفصيل ذلك والإحاطة به إحاطة تامة إنما يكون من جهة الشرع.