للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وهذا حق، لكنهم أدخلوا فيه نفي كثير من الصفات كالوجه واليدين، وأدخلوا فيه نفي علو الله على خلقه، واستوائه على عرشه، فهم يظنون أنه لو ثبت هذه الصفات لله تعالى لكان مركباً مبعَّضاً، فكلامهم هذا من قبيل كلمة حق أريد بها الباطل.

والنوع الثاني: أنه واحد في صفاته لا شبيه له، يراد به معنيان:

١ـ يعني حق وهو: أن يراد أن الله مسمى بالأسماء الحسنى، ومتصف بالصفات الكاملة التي لا يماثله فيها أحد.

٢ـ معنى باطل، وهو: أن يراد به نفي المماثلة من كل وجه، ووجه بطلانه: أنه ليس في الملل من يثبت قديماً مماثلاً لله تعالى على السواء، وما ورد من التشبيه فهو تشبيه لبعض الخلق بالله تعالى من بعض الوجوه لا من جميعها.

ومقصودهم بتوحيد الأفعال: هو أنه واحد في أفعاله لا شريك له، أي أنه خلق العالم وهذا حق، لكنهم اخطئوا في جعله هو معنى لا إله إلا الله، نتيجة خلطهم بين الربوبية والألوهية.

الحاصل أنهم لا يتعرضون لتوحيد الألوهية ويفسرونه بتوحيد الربوبية، فظنوا أنه هو المطلوب من العباد، وأن معنى لا إله إلا الله: لا خالق إلا الله، أو لا قادر على الاختراع إلا الله.

٣ ـ أشهر أنواع التوحيد عند أهل الكلام:

أشهر أنواع التوحيد عند أهل الكلام هو أنه واحد في أفعاله لا شريك له، ومقصودهم به أن خالق العالم واحد، ويستدلون على ذلك بدليل التمانع؛ وهو دليل عقلي معناه: أنه لو كان للعالم صانعان وحصل اختلافهما؛ كأن يريد أحدهما إحياء جسم والآخر مماته، فلا يخلو إما أن يحصل مرادهما معاً أو لا يحصل مراد واحد منهما، أو يحصل مراد أحدهما دون الآخر، فالأول: ممتنع لأنه جمع بين النقيضين، والثاني: كذلك لأنه يستلزم خلو الجسم عن الحركة والسكون وهذا ممتنع لأنه يستلزم ارتفاع

<<  <   >  >>