النقيضين وهذا باطل، والثالث: ممكن فيكون القادر إلهاً والعاجز لا يصلح أن يكون إلهاً، وهذا الاستدلال صحيح ولكن ليس هذا معنى لا إله إلا الله، لأن معناها: لا معبود إلا الله، وهؤلاء غلطوا في جعل الإله بمعنى الرب من وجهين:
أـ أنهم ظنوا أن الربوبية هي التوحيد المطلوب.
ب ـ أنهم ظنوا أن هذا هو معنى لا إله إلا الله؛ لأن معنى الألوهية عندهم القدرة على الاختراع.
ويرد عليهم: بأن المشركين الذين بعث إليهم الرسول صلى الله عليه وسلم كانوا يقرون بتوحيد الربوبية، ولو كان هذا هو التوحيد المطلوب لم يمتنع المشركون من قول لا إله إلا الله، فلم ينازع أحد في أصل الربوبية، وغاية ما وجد من ذلك أنَّ من الناس من جعل لبعض الموجودات خالقاً غير الله، من القدرية ونحوهم، مع أنهم يقرون بأن الله خالق العباد وقدرتهم، أو قالوا إنهم خالقوا أفعالهم، وأهل الكلام يسمونه توحيد الربوبية، وقد غلطوا في الاستدلال على هذا القول بقوله تعالى:{وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ}[البقرة: ١٦٣] ؛ لأن المقصود من هذه الآية، بيان توحيد الربوبية كان معلوماً عند المشركين، فأفنوا أعمارهم بما لم ينازع فيه المشركون، لكن لم ينفعهم ذلك ولم يدخلهم في الإسلام، ومعلوم أن المقصد الأعظم الذي أرسل لأجله الرسل وأنزلت الكتاب وخلق له الجن والإنس هو عبادة الله وحده لا شريك له، فمعنى لا إله إلا الله: لا معبود بحق إلا الله.