تقدم أن موضوع الرسالة التدمرية هو الكلام في أصلين عظيمين.
الأول: التوحيد والصفات.
الثاني: القدر والشرع.
فشرع شيخ الإسلام في بيان الأصل الأول تأصيلاً وتفصيلاً، وسيتكلم في توحيد الأسماء والصفات دون الربوبية لأمرين:
الأول: لأن الأسماء والصفات متضمن للربوبية.
الثاني: لكثرة الخلاف في الأسماء والصفات دون الربوبية.
فنبدأ بذكر القاعدة الأصلية في هذا الباب، وهي أن يوصف الله بما وصف نفسه نفياً وإثباتاً، فيثبت ما أثبته الله لنفسه لقوله:{وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} وينفي ما نفاه عن نفسه لقوله: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}[الشورى: ١١] .
الأدلة التي نثبت بها أسماء الله وصفاته هي كتاب الله وسنة رسوله، فلا نثبتُ أسماء الله وصفاته بغير دليل، ودليل ذلك السمع والعقل.
والدليل العقلي: من المعلوم أن تفصيل القول فيما يمتنع أو يجب أو يجوز في حق الله من أمور الغيب التي لا يمكن إدراكها بالعقل، يجب الرجوع فيها إلى ما جاء في الكتاب والسنة، قال ابن قتيبة: "فنحن نقول كما قال تعالى، وكما قال رسوله ولا نتجاهل.
ولا يحملنا ما نحن فيه من نفي التشبيه على أن ننكر ما وصف به نفسه، ولكنّا نقول: كيف والله وضع عنا أن نفكر كيف كان؟، وكيف قدر؟