للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ففي الطاعة قرن اسم الرسول باسمه بحرف (الواو) ، وفي المشيئة أمر أن يجعل ذلك بحرف (ثم) وذلك لأن طاعة الرسول طاعةٌ لله، فمن يطع الرسول فقد أطاع الله، وطاعة الله طاعة للرسول بخلاف المشيئة، فليست مشيئة أحد من العباد مشيئة لله، ولا مشيئة الله مستلزمة لمشيئة العباد، بل ما شاء الله كان وإن لم يشأ الناس، وما شاء الناس لم يكن إلا أن يشاء الله.

• الأصل الثاني: حق الرسول صلى الله عليه وسلم، فعلينا أن نؤمن به، ونطيعه، ونتبعه، ونرضيه، ونحبه، ونسلم لحكمه، وأمثال ذلك، قال تعالى: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أطَاعَ اللَّهَ} [النساء: ٨٠] ، وقال تعالى: {وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أحَقُّ أنْ يُرْضُوهُ إِنْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ} [التوبة: ٦٢] ، وقال تعالى: {قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأمْرِهِ} [التوبة: ٢٤] ، وقال تعالى: {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي آنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [النساء: ٦٥] ، وقال تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} [آل عمران: ٣١] وأمثال ذلك.

فصل

إذا ثبت هذا فمن المعلوم أنه يجب الإيمان بخلق الله وأمره: بقضائه وشرعه.

وأهل الضلال الخائصون في القدر انقسموا على ثلاث فرق: مجوسية ومشركية، وإبليسية.

• فالمجوسية الذين كذَّبُوا بقدر الله، وإن آمنوا بأمره ونهيه، فغلاتهم أنكروا العلم والكتاب، ومقتصدتهم أنكروا عموم مشيئة الله وخلقه وقدرته، وهؤلاء هم المعتزلة ومن وافقهم.

• والفرقة الثانية ـ المشركية: الذين أقروا بالقضاء والقدر، وأنكروا

<<  <   >  >>