الأمر والنهي، قال الله تعالى:{لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أشْرَكْنَا وَلا آبَاؤُنَا وَلا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ}[الأنعام: ١٤٨] ، فمن احتج على تعطيل الأمر والنهي بالقدر فهو من هؤلاء، وهذا قد كثر فيمن يدّعي الحقيقة من المتصوفة.
• والفرقة الثالثة ـ الإبليسية: وهم الذين أقروا بالأمرين، لكن جعلوا هذا تناقضاً من الرب سبحانه وتعالى، وطعنوا في حكمته وعدله، كما يُذكر مثل ذلك عن إبليس مقدمهم كما نقله أهل المقالات، ونقل عن أهل الكتاب.
والمقصود أن هذا مما يقوله أهل الضلال، وأما أهل الهدى والفلاح فيؤمنون بهذا وهذا، فيؤمنون بأن الله خالق كل شيء قدير، أحاط بكل شيء علماً، وكل شيء أحصاه في كتاب مبين.
ويتضمن هذا الأصل من إثبات علم الله، وقدرته، ومشيئته ووحدانيته، وربوبيته، وأنه خالق كل شيء وربه ومليكه ما هو من أصول الإيمان.
ومع هذا لا ينكرون ما خلقه الله من الأسباب، التي يخلق بها المسببات، كما قال تعالى:{حَتَّى إِذَا أقَلَّتْ سَحَابًا ثِقَالاً سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ فَأنْزَلْنَا بِهِ الْمَاءَ فَأخْرَجْنَا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ}[الأعراف: ٥٧] ، وقال تعالى:{يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ}[المائدة: ١٦] ، وقال تعالى:{يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا}[البقرة: ٢٦] فأخبر أنه يفعل بالأسباب.
ومن قال: يفعل عندها لا بها، فقد خالف ما جاء به القرآن وأنكر ما خلقه الله من القُوى والطبائع، وهو شبيه بإنكار ما خلقه الله من القوى التي في الحيوان التي يفعل الحيوان بها مثل قدرة العبد.
كما أن من جعلها هي المبدعة لذلك فقد أشرك بالله، وأضاف فعله على غيره، وذلك أنه ما من سبب من الأسباب إلا وهو مفتقر إلى سبب آخر في حصول مسببه، ولا بدّ له من مانع يمنع مقتضاه إذا لم يدفعه الله عنه، فليس في الوجود شيء واحد يستقل بفعل شيء إلا الله وحده، قال تعالى: {وَمِنْ