للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الرد الإجمالي على المخالفين لطريقة السلف

قال شيخ الإسلام:

"وذلك أنه قد علم بضرورة العقل أنه لا بد من موجد قديم غني عما سواه إذ نحن نشاهد حدوث المحدثات كالحيوان والمعدن والنبات، والحادث ممكن ليس بواجب ولا ممتنع، وقد علم بالاضطرار أن المحدَث لا بد له من محدِث والممكن لا بد له من واجب كما قال تعالى: {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ} [الطور: ٣٥] ، فإذا لم يكونوا خلقوا من غير خالق ولا هم الخالقون لأنفسهم تعين أن لهم خالقاً خلقهم، وإذا كان من المعلوم بالضرورة أن في الوجود ما هو قديم واجب بنفسه وما هو محدث ممكن يقبل الوجود والعدم، فمعلوم أن هذا موجود وهذا موجود ولا يلزم من اتفاقهما في مسمى الوجود أن يكون وجود هذا مثل وجود هذا، بل وجود هذا يخصه ووجود هذا يخصه، واتفاقهما في اسم عام لا يقتضي تماثلهما في مسمى ذلك الاسم عند الإضافة والتقييد والتخصيص ولا في غيره، فلا يقول عاقل إذا قيل: إن العرش شيء موجود وإن البعوض شيء موجود، إن هذا مثل هذا لاتفاقهما في مسمى الشيء والوجود لأنه ليس في الخارج شيء موجود غيرهما يشتركان فيه بل الذهن يأخذ معنى مشتركاً كلياً هو مسمى الاسم المطلق، وإذا قيل: هذا موجود، وهذا موجود، فوجود كل منهما يخصه لا يشركه فيه غيره مع أن الاسم حقيقة في كل منهما.

ولهذا سمى الله نفسَه بأسماء وسمَّى صفاته بأسماء، فكانت تلك

<<  <   >  >>