للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الأسماء مختصة به إذا أضيفت إليه لا يشركه فيها غيره، وسمّى بعض مخلوقاته بأسماء مختصة بهم مضافة إليهم توافق تلك الأسماء إذا قطعت عن الإضافة والتخصيص، ولم يلزم من اتفاق الاسمين تماثل مسماهما واتحاده عند الإطلاق والتجريد عن الإضافة والتخصيص، لا اتفاقهما، ولا تماثل المسمى عند الإضافة والتخصيص، فضلاً عن أن يتحد مسماهما عند الإضافة والتخصيص.

فقد سمى الله نفسه حيّاً فقال: {اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} [البقرة: ٢٥٥] وسمى بعض عباده حياً فقال: {يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيّ} [الروم: ١٩] وليس هذا الحي مثل هذا الحي؛ لأن قوله: {الْحَيَّ} اسم الله مختص به، وقوله: {يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيّ} اسم للحي المخلوق مختص به، وإنما يتفقان إذا أطلقا وجُرِّدا عن التخصيص، ولكن ليس للمطلق مسمى موجود في الخارج، ولكن العقل بفهم من المطلق قدراً مشتركاً بين المسميين، وعند الاختصاص يقيّد ذلك بما يتميز به الخالق عن المخلوق، والمخلوق عن الخالق.

ولا بد من هذا في جميع أسماء الله وصفاته، ويُفهم منها ما دلّ عليه الاسم بالمواطأة والاتفاق، وما دلّ عليه بالإضافة والاختصاص، المانعة من مشاركة المخلوق للخالق في شيء من خصائصه سبحانه وتعالى.

وكذلك سمّى الله نفسه عليماً حليماً، وسمّى بعض عباده عليماً حليماً، فقال: {وَبَشَّرُوهُ بِغُلامٍ عَلِيمٍ} [الذاريات: ٢٨] ، يعني إسحاق، وسمّى آخر حليماً، فقال: {فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ} [الصافات: ١.١] يعني: إسماعيل، وليس العليم كالعليم، ولا الحليم كالحليم.

وسمّى نفسه سميعاً بصيراً فقال: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً} [النساء: ٥٨] .

وسمّى بعض خلقه سميعاً بصيراً فقال: {إِنَّا خَلَقْنَا الإنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعاً بَصِيراً} [الانسان: ٢] ، وليس السميع كالسميع، ولا البصير كالبصير.

<<  <   >  >>