للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وهكذا وصف نفسه بالغضب في قوله: {وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ} [الفتح: ٦] ، ووصف عبده بالغضب في قوله: {وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفاً} [الأعراف: ١٥.] وليس الغضب كالغضب.

ووصف نفسه بأنه استوى على عرشه، فذكر في سبع آيات من كتابه أنه استوى على العرش، ووصف بعض خلقه بالاستواء على غيره في مثل قوله: {لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِه} [الزخرف: ١٣] ، وقوله: {فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ عَلَى الْفُلْكِ} [المؤمنون: ٢٨] ، وقوله: {وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيّ} [هود: ٤٤] وليس الاستواء كالاستواء.

ووصف نفسه ببسط اليدين، فقال: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ} [المائدة: ٦٤] ، ووصف بعض خلقه ببسط اليد، في قوله: {وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ} [الإسراء: ٢٩] ، وليس اليد كاليد، ولا البسط كالبسط، وإذا كان المراد بالبسط الإعطاء والجود فليس إعطاء الله كإعطاء خلقه، ولا جوده كجودهم. ونظائر هذا كثيرة.

فلا بد من إثبات ما أثبته الله لنفسه، ونفي مماثلته لخلقه، فمن قال: ليس لله علم ولا قوة ولا رحمة، ولا كلام، ولا يحب ولا يرضى، ولا نادى ولا ناجى، ولا استوى؛ كان معطلاً جاحداً، ممثلاً لله بالمعدومات والجمادات.

ومن قال: له علم كعلمي، أو قوة كقوتي، أو حب كحبي، وأو رضى كرضاي، أو يدان كيديّ، أو استواء كاستوائي؛ كان مشبهاً، ممثلاً لله بالحيوانات، بل لا بد من إثبات بلا تمثيل، وتنزيه بلا تعطيل. ويتبين هذا بأصلين شريفين، وبمثلين مضروبين، ولله المثل الأعلى، وبخاتمة جامعة".

معاني الكلمات:

القديم: هو الأول عند أهل السنة وهو القِدَم المطلق.

<<  <   >  >>