٥ ـ معنى قول شيخ الإسلام:"ولا يثبتون إلا وجوداً مطلقاً لا حقيقة له عند التحصيل..":
معناه: أن هؤلاء الكفار من فلاسفة اليونان ومن معهم من المتفلسفة والجهمية والمعطلة لا يؤمنون بصفات الله تعالى، ولا يصفون الله تعالى بشيء من صفاته التي وصف بها نفسه ووصفه بها رسوله صلى الله عليه وسلم، وإنما يعتقدون أنه وجود مطلق خال عن الصفات التي تقيد الموصوف، والشيء إذا لم يكن له صفة فهو غير معقول؛ ولا يكون له وجود خارج الأذهان وإنما وجوده وجود ذهني.
فالذهن يتصوره ولكن لا وجود له في الخارج فهو شيء معدوم؛ لأن المعدوم لا صفة له.
فالله تعالى على قول هؤلاء الجهمية معدوم في الحقيقة ولا وجود له لأنهم يصفونه بصفات المعدوم بل الممتنع.
فيقولون: إنه لا داخل العالم ولا خارجه ولا متصل بالعالم ولا منفصل عنه، ولا فوقه ولا تحته ولا كذا ولا كذا، فهؤلاء مع كونهم غلاة المعطلة فهم مشبهة أيضاً لأنهم شبهوا الله بالمعدومات.
٦ ـ معنى قول شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ:"وجعلوا هذه الصفة الأخرى فجعلوا العلم عين العالم مكابرة ... ":
هذه حكاية مذهب آخر لنوع آخر من المعطلة الغلاة وهذا المذهب شبيه بالمذهب الأول:
ولكنه أخف كفراً، والأول أشد كفراً.
لأن الأولين كانوا يصفون الله بالوجود المطلق عارياً عن الصفات.
وأما هؤلاء المعطلة فقد وصفوه بالسلوب، وأيضاً وصفوه بالصفات الإضافية نحو: قبل كل شيء وبعد كل شيء، ونحو ذلك من الصفات التي هي صفات بالنسبة إلى شيء آخر.