الطائفة الثانية:" المشبهة" الذين أثبتوا الأسماء والصفات مع تشبيه الله تعالى بخلقه زاعمين أن هذا مقتضى دلالة النصوص، لأن الله تعالى يخاطب العباد يفهمون وهذا الزعم باطل لوجوه منها:
الأول: أن مشابهة الله تعالى لخلقه أمر باطل ببطله العقل، والشرع، ولا يمكن أن يكون مقتضى نصوص الكتاب والسنة أمراً باطلاً.
الثاني: أن الله تعالى خاطب العباد بما يفهمون من حيث أصل المعنى، أما الحقيقة والكنه الذي عليه ذلك المعنى فهو مما استأثر الله تعالى بعلمه فيما يتعلق بذاته، وصفاته.
فإذا أثبت الله لنفسه أنه سميع، فإن السمع معلوم من حيث أصل المعنى "وهو إدراك الأصوات" لكن حقيقة ذلك بالنسبة إلى سمع الله تعالى غير معلومة، لأن حقيقة السمع تتباين حتى في المخلوقات، فالتباين فيها بين الخالق والمخلوق، أبين وأعظم.
وإذا أخبر الله تعالى عن نفسه أنه أستوى على عرشه فإن الإستواء من حيث أصل المعنى معلوم، لكن حقيقة الإستواء التي هو عليه غير معلومة بالنسبة إلى استواء الله على عرشه فإن الإستواء تتباين في حق المخلوق، فليس الإستواء على كرسي مستقر كالإستواء على رحل بعير صعب نفور، فإذا تباينت في حق المخلوق، فالتباين فيها بين الخالق والمخلوق أبين وأعظم.