الحمد لله الذي رضي لنا الإسلامَ ديناً، وأتَمَّ علينا النِّعمةَ وأكملَ لنا الدِّين، وأشهد أن لا إله إلاَّ الله وحده لا شريك له، الملِك الحقّ المبين، وأشهد أنَّ محمداً عبده ورسوله الذي بعثه الله رحمة للعالَمين، فأدَّى الأمانة ونصح الأمَّة وبلَّغ البلاغَ المبين، اللهمَّ صلِّ وسلِّم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه ومَن سلك سبيلَه واهتدى بهديه إلى يوم الدِّين.
أمَّا بعد، فقد كنت منذ فترة طويلة راغباً في كتابة شرح مستقلٍّ لحديث جبريل المشتمل على بيان الإسلام والإيمان والإحسان، وقد قال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم في نهايته:"هذا جبريل أتاكم يعلِّمكم دينَكم"، وقد تحقَّق ذلك بفضل الله بإخراج هذا الشرح في هذا العام (١٤٢٤هـ) ، وقد جاء عن جماعة من أهل العلم بيان عظم شأن هذا الحديث، قال القاضي عياض كما في شرح النووي على صحيح مسلم (١/١٥٨) : "وهذا الحديث قد اشتمل على شرح جميع وظائف العبادات الظاهرة والباطنة، من عقود الإيمان وأعمال الجوارح وإخلاص السرائر والتحفظ من آفات الأعمال، حتى إنَّ علومَ الشريعة كلَّها راجعةٌ إليه ومتشعِّبةٌ منه، قال: وعلى هذا الحديث وأقسامه الثلاثة ألَّفنا كتابنا الذي سمَّيناه بالمقاصد الحسان فيما يلزم الإنسان؛ إذ لا يشذ شيءٌ من الواجبات والسنن والرغائب والمحظورات والمكروهات عن أقسامه الثلاثة، والله أعلم".