"فأقبل رجل ـ فذكر هيئته ـ حتى سلم من طرف السِّماط، فقال: السلام عليك يا محمد، قال: فردَّ عليه النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم".
السادسة: قال الحافظ ابن حجر في الفتح (١/١١٦ ـ ١١٧) : "فإن قيل: كيف عرف عمر أنَّه لم يعرفه أحدٌ منهم؟ أجيب بأنَّه يحتمل أن يكون استند في ذلك إلى ظنِّه، أو إلى صريح قول الحاضرين، قلت: وهذا الثاني أولى، فقد جاء كذلك في رواية عثمان بن غياث، فإنَّ فيها: فنظر القوم بعضهم إلى بعض، فقالوا: ما نعرف هذا"، وهذه الرواية في المسند للإمام أحمد (١٨٤) .
السابعة: ذكر النووي في شرح مسلم (١/١٥٧) أنَّ الضمير في "فخذيه" يرجع إلى جبريل، وقال غيرُه: إنَّه يرجع إلى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، قال الحافظ في الفتح (١/١١٦) : "وفي رواية لسليمان التيمي: ليس عليه سحناء السفر، وليس من البلد، فتخطَّى حتى برَك بين يدي النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم كما يجلس أحدُنا في الصلاة، ثم وضع يده على ركبتي النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، وكذا في حديث ابن عباس وأبي عامر الأشعري: "ثم وضع يده على ركبتي النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم" فأفادت هذه الرواية على أنَّ الضمير في قوله: (على فخذيه) يعود على النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، وبه جزم البغوي وإسماعيل التيمي لهذه الرواية، ورجَّحه الطيبي بحثاً؛ لأنَّه نسق الكلام، خلافاً لِمَا جزم به النووي، ووافقه التوربشتي؛ لأنَّه حمله على أنَّه جلس كهيئة المتعلِّم بين يدي من يتعلَّم منه، وهذا وإن كان ظاهراً من السياق لكن وضعه يديه على فخذ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم صنيع منبِّه للإصغاء إليه، وفيه إشارة لِمَا ينبغي للمسؤول من التواضع والصَّفح عمَّا يبدو من جفاء السائل، والظاهر أنَّه أراد بذلك المبالغة في تعمية أمره ليقوى الظنُّ بأنَّه من جُفاة الأعراب، ولهذا تخطَّى