روى الإمام مسلم في صحيحه (٨) بإسناده عن يحيى بن يَعمر قال: "كان أول من قال في القدر بالبصرة معبد الجهني، فانطلقت أنا وحميد ابن عبد الرحمن الحميري حاجَّين أو معتمرَين، فقلنا: لو لقينا أحداً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألناه عمَّا يقول هؤلاء في القدر، فوُفِّق لنا عبد الله بن عمر بن الخطاب داخلاً المسجد، فاكتنفته أنا وصاحبي، أحدنا عن يَمينه والآخر عن شماله، فظننت أنَّ صاحبي سيَكِل الكلامَ إليَّ، فقلت: أبا عبد الرحمن! إنَّه قد ظهر قِبَلَنا ناسٌ يقرؤون القرآن ويتقفَّرون العلمَ، وذكر من شأنهم، وأنَّهم يزعمون أن لا قَدر، وأنَّ الأمرَ أُنُف، قال: فإذا لقيت أولئك فأخبرْهم أنِّي بريء منهم، وأنَّهم بُرآء منِّي، والذي يحلف به عبد الله بن عمر! لو أنَّ لأحدهم مثل أُحُد ذهباً فأنفقه ما قَبل الله منه حتى يؤمنَ بالقدر، ثم قال: "حدَّثني أبي عمر بن الخطاب، قال: بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم إذ طَلَعَ علينا رجلٌ شديد بياض الثياب، شديد سواد الشعر، لا يُرى عليه أثرُ السفر ولا يعرفه منَّا أحدٌ، حتى جلس إلى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، فأسنَد ركبتيه إلى ركبتيه، ووضع كفَّيه على فخذيه، وقال: يا محمد أخبرني عن الإسلام فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الإسلامُ أن تشهدَ أن لا إله إلا الله وأنَّ محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت إن استطعتَ إليه سبيلاً، قال: صدقتَ، قال: فعجبنا له يسأله ويصدِّقه، قال: فأخبرني عن الإيمان قال: أن تؤمنَ بالله وملائكته وكُتبه ورسله واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره، قال: صدقتَ، قال: فأخبرني عن الإحسان قال: أن تعبدَ الله كأنَّك تراه، فإن لَم تكن تراه فإنَّه يراك، قال: فأخبرني عن الساعة قال: ما المسئول عنها بأعلمَ من السائل، قال: فأخبرني عن