الناظرون فيه اليوم المقيمون به قليل، بل لا أعلم مكان أحد، وكيف يستطاع ذلك وقد كدر هذا الزمان، إنه يشتبه الحق والباطل، ولا ينجو من شره إلا من دعا بدعاء الغريق، فهل تعلم مكان أحد هكذا وكان يقال: يوشك أن يأتي على الناس زمان لا تقر فيه عين حكيم، فعليك بتقوى الله عز وجل، والزم العزلة واشتغل بنفسك واستأنس بكتاب الله عز وجل، واحذر الأمراء، وعليك بالفقراء والمساكين والدنو منهم، فإن استطعت أن تأمر بخير في رفق فإن قبل منك حمدت الله عز وجل، وإن رد عليك أقبلت على نفسك فإن لك فيها شغلاً، واحذر المنزلة وحبها فإن الزهد فيها أشد من الزهد في الدنيا، وبلغني أن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم كانوا يتعوذون أن يدركوا هذا الزمان، وكان لهم من العلم ما ليس لنا، فكيف بنا حين أدركنا على قلة علم وبصر وقلة صبر وقلة أعوان على الخير مع كدر الزمان وفساد من الناس.
وعليك بالأمر الأول والتمسك به، وعليك بالخمول فإن هذا زمان خمول وعليك بالعزلة وقلة مخالطة الناس، فإن عمر