وقال الخطيب - أيضاً -: تعقيباً على قول عبد الله بن إدريس "الإكثار من الحديث جنون". وقول مالك:"ما أكثر أحد من الحديث فأنجح" -: "وهذا الكلام كله قريب من كلام الثوري في ذم شواذ الحديث، والمعنى فيهما سواء، إنما كره مالك وابن إدريس وغيرهما الإكثار من طلب الأسانيد الغريبة والطرق المستنكرة كأسانيد: حديث الطائر، وطرق حديث المغفر، وغسل الجمعة، وقبض العلم، وإن أهل الدرجات، ومن كذب علي، ولا نكاح إلا بولي، وغير ذلك، مما يتتبع أصحاب الحديث طرقه ويعنون بجمعه، والصحيح من طرقه أقلها، وأكثر من يجمع ذلك الأحداث منهم فيتحفظونها ويذاكرون بها، ولعل أحدهم لا يعرف من الصحاح حديثاً، وتراه يذكر من الطرق الغريبة والأسانيد العجيبة التي أكثرها موضوع وجلها مصنوع مما لا ينتفع به، وقد أذهب من عمره جزءاً في طلبه، وهذه العلة هي التي اقتطعت أكثر من في عصرنا من طلبة الحديث عن التفقه به، واستنباط ما فيه من الأحكام، وقد فعل متفقهة زماننا كفعلهم، وسلكوا في ذلك سبيلهم ورغبوا عن سماع