كالممسك مع القاتل عند مالك، وهو إحدى الروايتين عن أحمد، فتكون الدية على المباشر والمعين؛ لأنهم سواء عند الجمهور، ذكره الشيخ تقي الدين.
قول من ادعي عليه القتل فأقر به وادعى أنه قتله خطأ
(والمسألة الثانية) : إذا ادعي على رجل أنه قتل رجلا، فأقر بالقتل، ولكن ادعى أنه قتله خطأ، فهل يقبل قوله أم لا؟ فنقول: إذا لم يكن للمدعي بينة، وعلم القتل، وصار ثبوت القتل بإقرار المدعى عليه، سئل المدعى عليه عن صفة القتل، فإن كان عمد الفعل بما يقتل غالبا على تفصيل الفقهاء في أول كتاب الجنايات، فهذا لا يقبل قوله في دعوى الخطأ لأنه أقر أنه ضربه بما يقتل غالبا. وإن أنكر أن يكون تعمد الفعل بل زعم أنه خطأ محض، وفسره بذلك، فالقول قوله، ولا قصاص عليه، لأن من شرطه أن يكون القتل عمدا محضا، والأصل عدم ذلك؛ وعلى هذا فتكون الدية في ماله دون عاقلته.
شهادة الخصم
(والمسألة الثالثة) : إذا اقتتلت طائفتان، وادعت إحداهما بالتعدي من الأخرى، وجاؤوا بالشهود، وادعى المشهود عليهم بأن الشهود من الطائفة المقاتلة لهم، فهل ترد شهادتهم بذلك؟
فنقول: ينظر في حال الشهود، فإن كانوا عدولا، وادعوا أنهم لم يحضروا القتال، ولم يدخلوا معهم، وعلم صدقهم بقرائن الحال، لا ترد شهادتهم بمجرد دعوى الخصوم، لأن الخصم إذا جرح الشاهد العدل لا يقبل قوله فيه إلا ببينة. وأما إذا كان الشهود لا يعرفون بالعدالة، أو كانت القرائن تدل على أنهم حاضرون معهم، وأنهم من جملتهم، لم يقبلوا، ولم تسمع شهادتهم.
ومن صور المسألة: ما جرى بين الوداعين وأهل ميراث، فإن الوادعين زعموا أن معهم البينة على أنهم لم يبدؤوا بقتال، وإنما قتلوا دفعا عن أنفسهم، فلما سألنا عن شهودهم إذا هم من جملتهم الذين غزوا، فقلنا لهم: هؤلاء من جملتكم، وعليهم من الدية بقدر نصيبهم منها، ولا تقبل