محمودين على فعل الحسنات وأولئك يذمون على ترك الحسنات الواجبات ويمدحون على ما قصدوا تركه لله من السيئات
وسبب ذلك أن الإنسان فيه ظلم وجهل فإذا غلب عليه رأى أو خلق استعمله في الحق والباطل جميعا لم يحفظ حدود الله ولهذا يأمر الله بحفظ حدوده
مثال ذلك أن من الناس من يكون في خلقه سماحة ولين ومحبة فيسمح بمحبته وبتعظيمه ونفعه وماله للحسن الذي يحبه الله ويأمر به كمحبة الله ورسوله وأوليائه المؤمنين والإنفاق في سبيله ونحو ذلك ويسمح أيضا بمحبة الفواحش والإنفاق فيها فتجده يحب الحق والباطل جميعا ويصدق بهما ويعين عليهما
ومنهم من يكون في خلقه قوة فيمتنع من فعل الفواحش ويبغضها ويمتنع مع ذلك من محبة نفع الناس والإحسان إليهم والحلم عن سيئاتهم فتجده يبغض الحق والباطل جميعا ويكذب بهما ولا يعين على واحد منهما بل ربما صد عنهما
وذلك لأن النفس أمارة بالسوء والشيطان يزين للمرء سوء عمله فيراه حسنا وهو متبع هواها وما فيها من العلم والإيمان يدعوه إلى الخير حتى تذهب الحسنات بالسيئات وإنما يفعل من الحسنات ما أقبلت عليه إرادته ومحبته دون ما أبغضته