فاعل هذه الأمور وما يتعلق بتوحيد الربوبية كما قدمناه وأما شهادة غاية هذه الأمور وما يتعلق بتوحيد الإلهية فقد لا يهتدون له ولهذا كان في طرقهم من الضلالات والجهالات ما هو مخالف لصحيح المنقول وصريح المعقول
لكن أهل العلم في إضافة جميع الحوادث إلى خلق الله ومشيئته وربوبيته أصح عقلا ودينا ومن أدخل في ذلك كل شيء حتى أفعال الحيوان فهو المصيب الموافق للسنة والعقل وهم متكلمة أهل الإثبات الذين يقررون أن الله خالق كل شيء وربه ومليكه
بخلاف القدرية الذين أخرجوا عن ذلك أفعال الحيوان وبخلاف أهل الطبع والفلسفة الذين يخرجون عن ذلك عامة الكائنات من العلل المولدات وكلاهما باطل كما بين في غير هذا الموضع
ولهذا تجد هؤلاء إذا تكلموا في الحركات التي بين السماء والأرض مثل حركة الرياح والسحاب والمطر وحدوث المطر من الهواء الذي بين السماء والأرض تارة ومن البخار المتصاعد من الأرض تارة كما ذكر ذلك أيضا غير واحد من السلف وهو حق مشهود بالأبصار كما يخلق الولد في بطن أمه من المني وكما يخلق الشجر من الحب والنوى فشهدوا بعض الأسباب المرئية وجهلوا أكثر الأسباب وأعرضوا عن الخالق المسبب لذلك كله وعما جاء في ذلك من عبادته وتسبيحه والسجود له الذي هو غاية حكمته
فإن خلق الله سبحانه للسحاب بما فيه من المطر من هذا البحر وبخار الأرض كخلقه للحيوان والنبات والمعدن من هذه الأمور