ولهذا كان رأس الإيمان الحب في الله والبغض في الله وكان من أحب لله وأبغض لله وأعطي لله ومنع لله فقد استكمل الإيمان
فالمحبة والإرادة أصل في وجود البغض والكراهة والأصل في زوال البغيض المكروه فلا يوجد البغض إلا لمحبة ولا يزول البغيض إلا لمحبة
فالمحبة أصل كل أمر موجود وأصل دفع كل ما يطلب الوجود ودفع ما يطلب الوجود أمر موجود لكنه مانع من وجود ضده فهو أصل كل موجود من بغيض ومانع ولوازمهما
وهذا القدر الذي ذكرناه من أن المحبة والإرادة أصل كل حركة في العالم فقد بينا في القواعد وغيرها أن هذا يندرج فيه كل حركة وعمل فإن ما في الأجسام من حركه طبعية فإنما أصلها السكون فإنه إذا خرجت عن مستقرها كانت بطبعها تطلب مستقرها وما فيها من حركة قسرية فأصلها من القاسر القاهر فلم تبق حركة اختيارية إلا عن الإرادة
والحركات إما إرادية وإما طبعية وإما قسرية لأن الفاعل المتحرك إن كان له شعور بها فهي الإرادية وإن لم يكن له شعور فإن كانت على وفق طبع المتحرك فهي الطبعية وإن كانت على خلاف ذلك فهي القسرية
وبينا أن ما السموات والأرض وما بينهما من حركة الأفلاك والشمس والقمر والنجوم وحركة الرياح والسحاب والمطر والنبات وغير ذلك فإنما هو بملائكة الله تعالى الموكلة بالسموات والأرض الذين لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون