[المبحث الثاني: دور علم التخريج في حفظ السنة النبوية]
[مدخل]
...
[المبحث الثاني: دور علم التخريج في حفظ السنة النبوية]
ليس علم التخريج أقل قدراً من العلوم الأخرى التي حفظ الله بها سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم وإذا نشأت علوم عدة لهذا الغرض فإن علم التخريج يأتي في مقدمة هذه العلوم.
لقد ولد هذا العلم مع علم الحديث النبوي، وبدأت العناية بالعزو وطلب الإسناد منذ العصور الأولى للرواية، لكنه نشأ نشأة أي علم آخر ينشأ ضعيفاً ثم تتوارد عليه الجهود وتكتنفه العناية حتى يقوى ويشتد عوده. ومادام قديم النشأة فإنه تدرج في مدارج الكمال حتى استوى على سوقه في القرن الخامس والسادس والسابع على يد الخطيب البغدادي (ت٤٦٣هـ) والبيهقي (ت٤٥٨هـ) والحازمي (ت٥٨٤هـ) وابن الجوزي (ت٥٩٧هـ) وغيرهم.
لكن العصر الذهبي لهذا العلم الذي آتى فيه أكله هو القرن الثامن الهجري إذ ظهرت فيه جهود العلماء أكثر مما سبق، وصار علماً له شأن، وكثرت فيه المصنفات على يد علماء هذا القرن وأبرزهم: ابن عبد الهادي (ت٧٤٤هـ) وابن التركماني (ت٧٥٠هـ) والزيلعي (ت٧٦٢هـ) وتاج الدين السبكي (ت٧٧١هـ) وابن كثير (ت٧٧٤هـ) وعبد القادر القرشي (ت٧٧٥هـ) والزركشي (ت٧٩٤هـ) . وأكثر هؤلاء العلماء صنف أكثر من مصنف في التخريج، وقد تقدمت الإشارة إلى ذلك في عرض المصنفات في المبحث الأول.
واستمر هذا الجهد المبارك في القرن التاسع الذي ظهرت فيه جهود عدد