تتحد كتب التخريج في الغرض الذي لأجله ألفت، فهي تنشد الضالة نفسها، إلا أن المتأمل في هذه الكتب قد تلوح له بعض المعالم الأساسية، والملامح الرئيسة. ويمكن تقديمها من خلال تقسيمها إلى مطلبين:
[المطلب الأول: تنوع موضوعات هذه الكتب]
من يقين القول إن السنة مصدر تشريعي بعد كتاب الله -عز وجل-، وإذا انصرفت همة المحدثين وعنايتهم إلى هذا المصدر جمعاً وتدويناً وتخريجاً وشرحاً؛ فإن علماء الأمة على تنوع علومهم وعلو هممهم قد أولوا هذا العلم الشريف جل عنايتهم، إذ لايخلو كتاب فقه من أدلة حديثية تستنبط منها الأحكام، ولايخلو كتاب أصولي من أحاديث تبنى عليها قواعد الفقه في الإسلام.
وقبل هذا وذاك حفلت كتب التفسير بقدر هائل من الأحاديث النبوية التي تفسر كلام رب العالمين. فضلاً عن كتب السير والشمائل والأخلاق والآداب والعقائد، بله اللغة والبلاغة وعلوم العربية التي تستقي مادتها من هذا النبع النبوي الصافي.
وإذا كان هؤلاء العلماء قد أودعوا في كتبهم هذه النصوص النبوية فقد قلت عنايتهم ببيان درجتها والحكم عليها، ولم يلتفت كثير منهم إلى هذا الجانب المهم لسبب أو لآخر، ولعل من أهم هذه الأسباب أنهم أوكلوا هذا العمل لأهل الفن، وهذا ما دعا إلى نهوض عدد من المحدثين أهل الشأن