التمهيد: علم تخريج الأحاديث أهميته وحاجة المسلمين إليه
لم يكن الصحابة والتابعون ومن تبعهم من العلماء في القديم بحاجة إلى معرفة هذا العلم وهو علم تخريج الأحاديث؛ ذلك لأن حفظهم للأحاديث بأسانيدها ومتونها واطلاعهم الواسع على مصادر السنة المشرفة وقربهم وصلتهم بمصادر الحديث الأصلية لم تجعلهم في حاجة ماسة إلى مثل هذا العلم فكانوا عندما يحتاجون إلى الاستشهاد بحديث ما تسعفهم ذاكرتهم بلفظه وأسانيده أو على الأقل يتذكرون مكانه في كتب السنة ويعرفون مظانه في تلك الكتب على تنوعها واختلاف مناهجها، ومثلهم في ذلك مثل حفظة القرآن الكريم، فبينما نسأل واحداً منهم عن آية ما، أين مكانها في المصحف، وفي أية سورة؟ فيجيب دون تردد، بل وقد يحفظ رقم الآية من بين آيات السورة، أو على الأقل فإنه إن لم تسعفه الذاكرة فسوف يستخرجها من مكانها في سورتها دون عناء أو تعب بمجرد فتح المصحف الشريف وتقليب صفحاته.
وبمرور الزمن، بعد المسلمون أو بعضهم عن القرآن الكريم، فكان عسيراً عليه أن يعرف موضع آية ما في القرآن الكريم، فلجأ العلماء إلى وضع معاجم ألفاظ القرآن الكريم كسباً للوقت وتوفيراً للجهد، ووصولاً إلى البغية من أقرب طريق.
ولما ضعفت همم الناس وقلَّت عزائمهم شمَّر العلماء عن سواعد الجد فصنفوا كتباً فهرسوا فيها الأحاديث النبوية على حروف المعجم، وسميت