للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وقد صرح بذلك أيضاً: أبو محمد أحمد بن علي بن حزم، وأبو بكر بن العربي وغيرهما (١) .

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: "علم الإسناد والرواية مما خص الله به أمة محمد صلى الله عليه وسلم، وجعله سُلَّماً إلى الدراية، فأهل الكتاب لا إسناد لهم يأثرون به المنقولات، وهكذا المبتدعون من هذه الأُمَّة أهل الضلالات، وإنما الإسناد لِمَنْ أعظم الله عليه المِنَّة، أهل الإسلام والسُّنَّة، يُفرقون به بين الصحيح والسقيم، والمُعْوَجِّ والقويم ... " (٢) .

ومما يوضح ذلك ما قام به العلاَّمة رحمت الله الهندي في كتابه الماتع: "إظهار الحق" حيث عقد فصلاً في بيان أن أهل الكتاب لا يوجد عندهم سند متصل لكتاب من كتب العهد العتيق والجديد.

وقد استعرض جملة من كتبهم بدءاً بالتوراة ومروراً بالأناجيل المشهورة عندهم، في دراسة نقدية دقيقة تقع في (٥٩) صفحة، ختمها بقوله: "فظهر مما ذكرت للناظر اللبيب أنه لا يوجد سند متصل عندهم لا لكتب العهد العتيق، ولا لكتب العهد الجديد ... " (٣) .

وقد أدرك المسلمون ولله الحمد – منذ الصدر الأول أهمية الإسناد، وقَدَّروا هذه النعمة حق قدرها فعملوا على العناية بالأسانيد، والتزام الرواية بها، وذم من يتساهل بها أو يفرِّط فيها، فعظم النفع بها، وأثمرت تلك العناية ثماراً يانعة، كما سيأتي في المباحث اللاحقة إن شاء الله.


(١) انظر: الفِصَل في الملل والأهواء والنِّحل لأبي محمد بن حزم: (٢/٨٢-٨٣) ، وفهرس الفهارس والأثبات للكَتاني: (١/٨٠) .
(٢) مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية: (١/٩) ، وانظر أيضاً: منهاج السنة النبوية له: (٧/٣٧) .
(٣) انظر: إظهار الحق: (١/١٠٩-١٦٧) .

<<  <   >  >>