للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

بين الأئمة الأثبات في الاحتجاج عمن هذا نعته، كالحارث الأعور وعاصم ابن ضمرة وصالح مولى التوأمة، وعطاء بن السائب، ونحوهم، ومَنْ فحُش خطؤُه وكثر تفرده لم يُحتج بحديثه، ولا يكاد يقع ذلك في التابعين الأولين ويوجد ذلك في صغار التابعين فمن بعدهم" (١) .

مع بداية المائة الثانية، ومع ازدياد عدد طلبة الحديث النبوي واتساع روايته كثر من يتتبع رواته بالنقد ورواياتهم بالتمحيص وكان ذلك غالبا في مجالس رواية الحديث عبارة عن ملاحظات وتصويبات مزجت بالرواية ضمن خليط من المعلومات والمعارف، كتوثيق الرواة أو تضعيفهم، أو بيان وفاة، أو ضبط غريب، أو بيان مشكل، أو توضيح كنية أو نسب أو غير ذلك.

لكن سرعان ما اتسع أفق علم الرجال وكثر النقاد المتتبعون لأحوال الرواة لكثرة الطلبة الذين أقبلوا على العلم، وكثرة الشيوخ الذين تصدروا مجالس التحديث، فظهر مَنْ يواجه الأحوال الجديدة، ويفضح الكذبة من الرواة، فهذا أيوب السختياني (١٣١?) يذكر يوما أحد الرواة فيقول: "لم يكن بمستقيم اللسان". وقال يوما: "إن لي جارا، ثم ذكر من فضله، ولو شهد عندي على تمرتين ما رأيت شهادته جائزة". وقال في عبد الكريم -يعني أبا أمية-: "كان غير ثقة ... وقال لسلام بن أبي مطيع ينصحه ليحجم عن الرواية عن أحد الضعفاء: "أرأيت رجلا لا تأمنه على دينه، كيف تأمنه على الحديث؟ " (٢) .


(١) المصدر نفسه، ص ٤٦.
(٢) صحيح مسلم، ج ١، ص ٢٣-١٠٤.

<<  <   >  >>