للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ج- عبد الله بن المبارك (١٨١?) (١)

كان عبد الله بن المبارك من مشاهير الأئمة النقاد في هذه الفترة، فقد عني بنقد الرجال وتتبع أحوالهم من أجل سلامة السنة النبوية وهو الذي -حين قيل له: هذه الأحاديث المصنوعة؟ - قال كلمته المشهورة: "يعيش لها الجهابذة" (٢) . وقال أيضا: ليست جودة الحديث قرب الإسناد، جودة الحديث صحة الرجال (٣) .

وتبعا لذلك فقد بيَّن ابن المبارك مَنْ يؤخذ حديثه ومن يُرَدُّ، بناء على أوصاف حددها فقال: (٤) "يكتب الحديث، إلا عن أربعة:

- غلاط لا يرجع، وكذاب، وصاحب بدعة وهو يدعو إلى بدعته، ورجل لا يحفظ فيحدِّث مِنْ حِفْظه.

وقال مرة مجيبا وقد سئل عمن نأخذ؟: "من طلب العلم لله، وكان في إسناده أشد، قد تلقى الرجل ثقة وهو يحدث عن غير ثقة، وتلقى الرجل غير ثقة وهو يحدث عن ثقة، ولكن ينبغي أن يكون ثقة عن ثقة" (٥) .

وقد تصدَّى ابن المبارك كغيره من النقاد للتفتيش عن أحوال الرواة وكشف حقيقتهم للمسلمين عموما ولطلاب الحديث على وجه الخصوص، وهذا الإمام مسلم يذكر في مقدمة صحيحه عدة أمثلة عن نقده للرجال،


(١) مصادر ترجمته: التاريخ الكبير ٣ القسم الأول، تاريخ بغداد ١٠/١٥٢، تقدمة المعرفة ٢٦٢، تذكرة الحفاظ ١/٢٧٤، التهذيب ٥/٣٦٢، تاريخ التراث العربي ١/٢٧٠.
(٢) الكفاية ٣٧.
(٣) أدب الإملاء والاستملاء للسمعاني ص: ٥٧.
(٤) الكفاية ص: ١٤٣.
(٥) تذكرة الحفاظ ١/٢٧٧.

<<  <   >  >>