للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وإن كتب أحاديث الكذابين تعين النقاد على كشف من يحاول الوضع والكذب عن طريق التستر والانتحال والتلبيس، وتكسبه خبرة ودراية دقيقتين حتى إذا حاول الكذَّابون أو غيرهم رواية تلك الأحاديث سارع إلى كشف حقيقتها وبيان مصدرها.

-اختبار الراوي: كان المحدثون النقاد يختبرون عدالة الراوي وصدقه وضبطه بوسائل مختلفة كمعاودة السماع منه مرات متعددة وطرح أسئلة لاختبار ثباته على المَرْويِّ نفسه، وفي هذا الصدد حُكِيَ قصة امتحان ابن معين بالكوفة (١) .

-طلبه العلم وتفانيه فيه: بهذه الروح المحبة للحديث النبوي ومقاومة الوضع والوضاعين، كان ابن معين يبذل الجهود الكبيرة ويحرص الحرص الشديد على الرحلة وملاقاة الرواة والشيوخ والمذاكرة والحفظ، فيقول: "إني لأحدث بالحديث، فأسهر له مخافة أن أكون قد اخطأت فيه" (٢) .

-إمامته في علم الرجال:

لقد أثمرت جهوده المتواصلة وتضحياته الكبيرة، فبوأته مكانة عالية في علم الجرح والتعديل بعدما أكسبته قدرات عالية من اليقظة والذكاء والمقارنة والمعرفة الكبيرة والخبرة الدقيقة بالروايات وحملتها حتى قال فيه الإمام أحمد: ((كان ابن معين أعلمنا بالرجال)) (٣) وقال فيه أيضا: "هاهنا رجل خلقه الله لهذا الشأن، يُظْهر كذب الكذابين (٤) .


(١) تاريخ بغداد ١٢/٣٥٣ والمجروحين ١/٢٣.
(٢) تاريخ بغداد ١٤/١٨٤، وانظر أيضا تقدمة المعرفة، ص ٣١٦.
(٣) تذكرة الحفاظ ١/٤٣٠ وتهذيب التهذيب ١١/٢٨٤.
(٤) تاريخ بغداد ١٤/١٨٠. وسير أعلام النبلاء ١١/٨٠.

<<  <   >  >>