للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

كثير التعاهد لكم، فرد قائلا: صدق إنه ليكثر التعاهد لنا، ولكني أستحي من الله أن أقول إلا الحق (١) .

إن كمال معرفة ابن معين بنقد الرواة، وسعة حفظه وتبحره في هذا الشأن مع ما صاحب ذلك من صرامة في إصدار الحكم على الرواة تعديلا وتجريحا قد أثار الفزع والخوف لدى رواة الأحاديث النبوية، وأرعب قلوبهم.

قال هارون بن معروف: قدم علينا بعض الشيوخ من الشام، فكنت أول مَنْ بَكَّر إليه، فسألته أن يملي علي شيئا، فأخذ الكتاب يملي، فإذا بإنسان يدق الباب، فقال الشيخ: من هذا؟ قال: أحمد بن حنبل، فأُذِنَ له والشيخ على حالته، والكتاب في يده لا يتحرك، فإذا بآخر، فذُكر أحمد بن الدورقي، وعبد الله بن الرومي، وزهير بن حرب، وكلهم يدخل والشيخ على حالته، فإذا بآخر يدقُّ الباب، قال الشيخ من هذا؟ قال: يحيى بن معين، فرأيت الشيخ ارتعدت يده، ثم يسقط الكتاب من يده (٢) .

وعن يحيى بن معين قال: لما قدم عبد الوهاب بن عطاء أتيته فكتبت عنه، فبينما أنا عنده إذ أتاه كتاب من أهله من البصرة فقرأه وأجابهم، فرأيته كتب على ظهره: وقد قدمت بغداد وقبلني يحيى بن معين والحمد لله رب العالمين (٣) .

- مؤلفاته في علم الرجال:

إن معظم آثار ابن معين هي في ميدان الجرح والتعديل وعلل الأحاديث


(١) تاريخ بغداد ١٢/٥١.
(٢) تاريخ بغداد ١٤/١٨١ والتهذيب ١١/٢٨٤.
(٣) تاريخ بغداد ١٤/١٨١ والتهذيب ١١/١٨٤.

<<  <   >  >>