للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ العلاء قال: أخبرنا يُونُسُ بْنُ بكير قال: أخبرنا مُحَمَّدُ بْنُ إسحاق قال: أخبرنا نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ

عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: لَمَّا اجْتَمَعْنَا إِلَى الْهِجْرَةِ اتَّعَدْتُ أَنَا وَعَيَّاشُ بْنُ أَبِي رَبِيعَةَ وَهِشَامُ بْنُ الْعَاصِ بْنِ وَائِلٍ فَقُلْنَا: الْمِيعَادُ بَيْنَنَا الْمُنَاصِفُ مِيقَاتُ بَنِي غِفَارٍ، فَمَنْ حُبِسَ مِنْكُمْ لَمْ يَأْتِهَا فَقَدْ حُبِسَ فَلْيَمْضِ صَاحِبُهُ، فَأَصْبَحْتُ عِنْدَهَا أَنَا وَعَيَّاشٌ وَحُبِسَ عَنَّا هِشَامٌ وَفُتِنَ فَافْتَتَنَ، فَقَدِمْنَا الْمَدِينَةَ فَكُنَّا نَقُولُ: مَا اللَّهُ بِقَابِلٍ مِنْ هَؤُلَاءِ تَوْبَةً، قَوْمٌ عَرَفُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ، ثُمَّ رَجَعُوا عَنْ ذَلِكَ لِبَلَاءٍ أَصَابَهُمْ مِنَ الدُّنْيَا، فَأَنْزَلَ الله تعالى: {يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا} إِلَى قَوْلِهِ: {أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْمُتَكَبِّرِينَ} قَالَ عُمَرُ: فَكَتَبْتُهَا بِيَدِي ثُمَّ بَعَثْتُ بِهَا إِلَى هِشَامٍ، قَالَ هِشَامٌ: فَلَمَّا قَدِمَتْ عَلَيَّ خَرَجْتُ بِهَا إِلَى ذِي طُوًى، فَقُلْتُ: اللَّهُمَّ فَهِّمْنِيهَا، فَعَرَفْتُ أَنَّهَا أُنْزِلَتْ فِينَا، فَرَجَعْتُ فَجَلَسْتُ عَلَى بَعِيرِي، فَلَحِقْتُ بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

وَيُرْوَى أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي وَحْشِيٍّ قَاتِلِ حَمْزَةَ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَرِضْوَانُهُ، وَذَكَرْنَا ذَلِكَ فِي آخِرِ سُورَةِ الْفُرْقَانِ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ} . أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الحارثي قال: أخبرني أَبُو الشَّيْخِ الحافظ قال: أخبرنا ابْنُ أَبِي عاصم قال: أخبرنا ابْنُ نمير قال: أخبرنا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: أَتَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ فَقَالَ: يَا أَبَا الْقَاسِمِ بَلَغَكَ أَنَّ اللَّهَ يَحْمِلُ الْخَلَائِقَ عَلَى إِصْبَعٍ وَالْأَرَضِينَ عَلَى إِصْبَعٍ وَالشَّجَرَ عَلَى إِصْبَعٍ وَالثَّرَى عَلَى إِصْبَعٍ ثُمَّ يَقُولُ: أَنَا الْمَلِكُ؟ فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ} الْآيَةَ.

وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقْدِرُ عَلَى قَبْضِ الْأَرْضِ وَجَمِيعِ مَا فِيهَا مِنَ الْخَلَائِقِ وَالشَّجَرِ قُدْرَةَ أَحَدِنَا عَلَى مَا يَحْمِلُهُ بِإِصْبَعِهِ، فَخُوطِبْنَا بِمَا نَتَخَاطَبُ فِيمَا بَيْنَنَا لِنَفْهَمَ، أَلَا تَرَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: {وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} أَيْ إِنَّهُ يَقْبِضُهَا بقدرته.

<<  <   >  >>