الْمُعَوِّذَتَانِ [٤٧١] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ [قَوْلُهُ تَعَالَى: قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ.... إِلَى آخِرِ السُّورَةِ. [١: ٥]
قَوْلُهُ تَعَالَى: قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ ... إِلَى آخِرِ السُّورَةِ]
قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: كَانَ غُلَامٌ مِنَ الْيَهُودِ يَخْدُمُ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فأتت إِلَيْهِ الْيَهُودُ، وَلَمْ يَزَالُوا بِهِ حَتَّى أَخَذَ مُشَاطَةَ رَأْسِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعِدَّةَ أَسْنَانٍ مِنْ مُشْطِهِ، فَأَعْطَاهَا الْيَهُودَ فَسَحَرُوهُ فِيهَا، وَكَانَ الَّذِي تَوَلَّى ذَلِكَ لَبِيدُ بْنُ الْأَعْصَمِ الْيَهُودِيُّ، ثُمَّ دَسَّهَا فِي بِئْرٍ لَبَنِي زُرَيْقٍ يُقَالُ لَهَا ذَرْوَانُ، فَمَرِضَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَانْتَثَرَ شَعْرُ رَأْسِهِ ولبث سِتَّةَ أَشْهُرٍ، يُرَى أَنَّهُ يَأْتِي النِّسَاءَ وَلَا يأتيهن، وجعل يذوب وَلَا يَدْرِي مَا عَرَاهُ، فَبَيْنَمَا هُوَ نَائِمٌ ذَاتَ يَوْمٍ إِذْ أَتَاهُ مَلَكَانِ فَقَعَدَ أَحَدُهُمَا عِنْدَ رَأْسِهِ وَالْآخَرُ عِنْدَ رِجْلَيْهِ، فَقَالَ الَّذِي عِنْدَ رَأْسِهِ: مَا بَالُ الرَّجُلِ؟ قَالَ: طُبَّ، قَالَ: وَمَا الطُّبُّ؟ قَالَ: سِحْرٌ، قَالَ: وَمَنْ سَحَرَهُ؟ قَالَ: لَبِيدُ بْنُ الْأَعْصَمِ الْيَهُودِيُّ، قَالَ: وَبِمَ طَبَّهُ؟ قَالَ: بِمُشْطٍ وَمُشَاطَةٍ، قَالَ: وَأَيْنَ هُوَ؟ قَالَ: فِي جُفِّ طَلْعَةٍ تَحْتَ رَاعُوفَةٍ فِي بِئْرِ ذَرْوَانَ. والجفّ: قِشْرُ الطَّلْعِ، والراعوفة: حَجَرٌ فِي أَسْفَلِ الْبِئْرِ يقوم عليه المائح، فَانْتَبَهَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: "يَا عَائِشَةُ أَمَا شَعَرْتِ أَنَّ اللَّهَ أَخْبَرَنِي بِدَائِي"، ثُمَّ بَعَثَ عَلِيًّا وَالزُّبَيْرَ وَعَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ فَنَزَحُوا مَاءَ تِلْكَ الْبِئْرِ كَأَنَّهُ نُقَاعَةُ الْحِنَّاءِ، ثُمَّ رَفَعُوا الصَّخْرَةَ وَأَخْرَجُوا الْجُفَّ، فَإِذَا فِيهِ مُشَاطَةُ رَأْسِهِ وَأَسْنَانُ مُشْطِهِ، وَإِذَا فِيهِ وَتَرٌ مَعْقُودٌ فِيهِ إِحْدَى عَشْرَةَ عُقْدَةً مَغْرُوزَةً بِالْإِبَرِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى الْمُعَوِّذَتَيْنِ، فَجَعَلَ كُلَّمَا قَرَأَ آيَةً انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، وَوَجَدَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خِفَّةً حَتَّى انْحَلَّتِ الْعُقْدَةُ الْأَخِيرَةُ، فقام كأنما نشط مِنْ عِقَالٍ، وَجَعَلَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَقُولُ: "بِسْمِ اللَّهِ أَرْقِيكَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ يُؤْذِيكَ وَمِنْ حَاسِدٍ وَعَيْنٍ، اللَّهُ يَشْفِيكَ"، فَقَالُوا: يَا رسول الله أو لا نأخذ الْخَبِيثَ فَنَقْتُلُهُ؟ فَقَالَ: "أَمَّا أَنَا فَقَدْ شَفَانِي اللَّهُ وَأَكْرَهُ أَنْ أُثِيرَ عَلَى النَّاسِ شَرًّا". فَهَذَا مِنْ حِلْمِ رَسُولِ اللَّهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute