للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} ، ويدلُّ لهذا ما جاء في حديث أبي هريرة في كتاب التوحيد من صحيح البخاري: "إذا أراد عبدي أن يعمل سيِّئة فلا تكتبوها عليه حتى يعملها، فإن عملها فاكتبوها له بمثلها، وإن تركها من أجلي فاكتبوها له حسنة"، ولا تنافي بين الكتابَتين؛ فإنَّ كلاًّ منهما حاصل.

٢ قوله: "فمَن هَمَّ بحسنة فلَم يعملها كتبها الله عنده حسنةً كاملة، وإن همَّ بها فعملها كتبها الله عنده عشر حسنات إلى سبعمائة ضعف، إلى أضعاف كثيرة"، أكَّد كتابة الحسنة إذا همَّ بها ولم يعملها بأنَّها كاملة؛ لئلاَّ يُتوهَّم نقصانها؛ لأنَّها في الهمِّ لا في العمل، وبيَّن أنَّ المضاعفة في الفعل إلى عشرة أضعاف، وإلى ما هو أكثر من ذلك، وذلك من فضل الله عزَّ وجلَّ وإحسانه إلى عباده، وفيه مضاعفة الجزاء على العمل، دون الجزاء على الهمِّ، وهو واضح، وأمَّا حديث: "نيَّةُ المؤمن خيرٌ من عمله" فهو ضعيف، ذكر ذلك الحافظ في الفتح (٤/٢١٩) ، وانظر السلسلة الضعيفة للألباني (٢٧٨٩) .

٣ قوله: "وإن همَّ بسيِّئة فلم يعملها كتبها الله عنده حسنة كاملة، وإن همَّ بها فعملها كتبها الله سيِّئة واحدة"، وُصفت الحسنةُ على ترك المعصية المهموم بها بأنَّها كاملة؛ لئلاَّ يُتوهَّم نقصانها، ووُصفت السيِّئة المعمولة بواحدة؛ لئلاَّ يُتوهَّم زيادتها، وهذا من فضل الله وعدله، والثواب على ترك السيِّئة التي همَّ بها يحصل إذا كان تركها من أجل الله، أمَّا إذا كان حريصاً على فعل السيِّئة وقلبه متعلِّق بها، وهو مُصمِّم على فعلها لو قدر على ذلك، فهو مؤاخَذٌ على ذلك، قال ابن كثير في تفسيره عند تفسير قوله تعالى من سورة الأنعام: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ

<<  <   >  >>