١ - هذا الحديث أصلٌ في التوكُّل على الله عزَّ وجلَّ، مع الأخذ بالأسباب المشروعة، والأخذ بها لا يُنافي التوكلَ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم سيِّدُ المتوكِّلين قد دخل مكة عام الفتح وعلى رأسه المغفر، وقد أرشد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الجمع بين الأخذ بالأسباب والاعتماد على الله بقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث في صحيح مسلم (٢٦٦٤) : "احرص على ما ينفعك واستعن بالله"، وحديث عمر رضي الله عنه هذا فيه الجمع بين الأخذ بالأسباب والتوكل على الله، والأخذ بالأسباب فيما ذكر عن الطير؛ لأنَّها تغدو خماصاً، أي خالية البطون لطلب الرزق، وتروح بطاناً، أي مُمتلئة البطون، ومع أخذ المرء بالأسباب لا يعتمد عليها، بل يعتمد على الله ولا يُهمل الأخذ بالأسباب ثم يزعم أنَّه متوكِّل، والله قدر الأسباب والمسبَّبات، قال ابن رجب في جامع العلوم الحكم (٢/٤٩٦ ٤٩٧) : "وهذا الحديث أصلٌ في التوكل، وأنَّه من أعظم الأسباب التي يستجلب بها الرزق، قال الله عز وجل:{وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} ... "إلى أن قال: "وحقيقةُ التوكل هو صدقُ اعتماد القلبِ على الله عزَّ وجلَّ في استجلاب المصالح ودفع المضار من أمور الدنيا والآخرة كلِّها، وكِلَةُ الأمور كلِّها إليه، وتحقيق الإيمان بأنَّه لا يعطي ولا يَمنع ولا يضر ولا ينفع سواه".
٢ مِمَّا يُستفاد من الحديث:
١ وجوب التوكل على الله والاعتماد عليه في جلب كلِّ مطلوب، ودفع كلِّ مرهوب.
٢ الأخذ بالأسباب مع التوكل على الله، وذلك لا يُنافي التوكل.