المناظرةَ المذكورة، ولا يمتنع أن يكون ذكرَه لهما بعد، ولَم يستدلَّ أبو بكر في قتال مانعي الزكاة بالقياس فقط، بل أخذه أيضاً من قوله عليه الصلاة والسلام في الحديث الذي رواه:"إلاَّ بحقِّ الإسلام"، قال أبو بكر: والزكاة حقُّ الإسلام، ولَم ينفرد ابن عمر بالحديث المذكور، بل رواه أبو هريرة أيضاً بزيادة الصلاة والزكاة فيه، كما سيأتي الكلام عليه إن شاء الله تعالى في كتاب الزكاة، وفي القصَّة دليلٌ على أنَّ السنَّةَ قد تخفي على بعض أكابر الصحابة ويطَّلع عليها آحادُهم، ولهذا لا يُلتفت إلى الآراء ولو قويت مع وجود سنة تخالفها، ولا يقال كيف خَفي ذا على فلان، والله الموفق".
٣ يُستثنى من عموم مقاتلة الناس حتى الإتيان بما ذكِر في الحديث: أهل الكتاب إذا دفعوا الجزية لدلالة القرآن، وغيرهم إذا دفعها لدلالة السنَّة على ذلك، كما في حديث بريدة بن الحُصيب الطويل في صحيح مسلم (١٧٣١) ، وأوله: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أمَّر أميراً على جيش أو سريَّة أوصاه في خاصته بتقوى الله، ومَن معه من المسلمين خيراً.."الحديث.
٤ يكفي للدخول في الإسلام الشهادتان، وهما أوَّل واجب على المكلَّف، ولا التفات لأقوال المتكلِّمين في الاعتماد على أمور أخرى، كالنَّظر أو القصد إلى النظر، قال ابن دقيق العيد في شرح هذا الحديث: "وفيه دلالة ظاهرة لمذهب المحققين والجماهير من السلف والخلف أنَّ الإنسانَ إذا اعتقد دين الإسلام اعتقاداً جازماً، لا تردُّد فيه كفاه ذلك، ولا يجب عليه تعلُّم أدلَّة المتكلِّمين ومعرفة الله بها".