للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إليه، ويشتمل على ضمائر التكلُّم التي تعود إليه سبحانه وتعالى.

٢ قوله: "يا عبادي! إنِّي حرَّمتُ الظلمَ على نفسي، وجعلته بينكم مُحرَّماً، فلا تظالَموا"، الظلم وضعُ الشيء في غير موضعه، وقد حرَّمه الله على نفسه ومنَعها منه، مع قدرته عليه وعلى كلِّ شيء، فلا يقع منه الظلم أبداً؛ لكمال عدله سبحانه وتعالى، قال الله عزَّ وجلَّ: {وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعِبَادِ} ، وقال: {وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ} ، وقال: {إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئاً} ، وقال: {إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ} ، وقال: {وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلا يَخَافُ ظُلْماً وَلا هَضْماً} ، أي: لا يخاف نقصاً من حسناته ولا زيادة في سيّئاته، أو تحميله سيِّئات غيره، ونفيُ الظلم عن الله عزَّ وجلَّ في هذه الآيات متضمِّنٌ إثبات كمال عدله سبحانه، قال ابن رجب في جامع العلوم والحكم (٢/٣٦) : "وكونُه خَلَقَ أفعالَ العباد وفيها الظلم لا يقتضي وصفه بالظلم سبحانه وتعالى، كما أنَّه لا يُوصف بسائر القبائح التي يفعلها العباد، وهي خَلْقُهُ وتقدِيرُه، فإنَّه لا يُوصَف إلاَّ بأفعاله، لا يوصف بأفعال عباده، فإنَّ أفعالَ عباده مخلوقاته ومفعولاته، وهو لا يوصف بشيء منها، إنَّما يوصف بما قام به مِن صفاته وأفعاله، والله أعلم".

وقد حرَّم الله تعالى على عباده الظلم، فلا يظلمُ أحد نفسَه ولا يظلم غيرَه.

٣ قوله: "يا عبادي! كلُّكم ضالٌّ إلاَّ مَن هَديته، فاستهدوني أهْدِكم"، قال ابن رجب في جامع العلوم والحكم (٢/٣٩ ٤٠) : "قد ظنَّ بعضُهم أنَّه معارض لحديث عياض بن حمار عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم: (يقول الله عز وجل: خلقت عبادي حُنفاء وفي رواية: مسلمين فاجتالتهم

<<  <   >  >>