للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

السادسة: قوله: {على بصيرة} دل على أن العلم لا يستلزم البصيرة بل رب عالم ليس له بصيرة في الدعوة على ما يريد الله من الداعي وعلى ما مشى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم.

السابعة: قوله: {أنا ومن اتبعني} دل على أن من لم يدع إلى الله على بصيرة ما اتبع الرسول صلى الله عليه وسلم.

الثامنة: قوله: {وسبحان الله} نزه نفسه من أن يترك الناس سدى، كما قال تعالى: {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ} . [المؤمنون: ١١٥، ١١٦] .

التاسعة: قوله: {وما أنا من المشركين} ، دل على أن الشرك ضد التوحيد والدعوة إليه كالنور والظلمة. والحاصل أن البصيرة عليها مدار الدعوة إلى الله وقد ذكر عن الرسول صلى الله عليه وسلم أن الداعي ينبغي له أن يكون عليما فيما يأمر به، عليما فيما ينهى عنه، حليما فيما يأمر به، حليما فيما ينهى عنه، رفيقاً فيما يأمر به، رفيقاً فيما ينهى عنه، وقال تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم: {وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} . [آل عمران: ١٥٩] . وقال تعالى لموسى وهارون لما أرسلهما إلى فرعون: {فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى} . [طه: ٤٤] . وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: "ما كان الرفق في شيء إلا زانه، ولا ذهب عن شيء إلا شانه" ١. وقال: "يسروا ولا تعسروا، وسكِّنوا ولا تنفروا" ٢.

وقد وصف الله إبراهيم عليه السلام بالحلم فقال تعالى: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ} . [هود: ٧٥] . هذا ومن البصيرة تقديم الأهم فالأهم في الدعوة كالطبيب الحاذق إذا رأى في شخص مرضاً في


١ أخرجه مسلم (٢٥٩٤) من حديث عائشة مرفوعاً.
٢ الحديث أخرجه البخاري (٦١٢٥) ، ومسلم (١٧٣٤) .

<<  <   >  >>