للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم خرج منها غازياً خيبر وكان الله عز وجل وعده إياها وهو بالحديبية. وقال ابن إسحاق١: حدثني الزهري عن عروة عن مروان بن الحكم والمسور بن مخرمة إنهما حدثا جميعاً قالا: انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الحديبية فنزلت عليه سورة الفتح فيما بين مكة والمدينة فأعطاه الله عز وجل خيبر، فقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة في ذي الحجة فأقام بها حتى سار إلى خيبر في المحرم ونزل صلى الله عليه وسلم بالرصيع واد بين خيبر وغطفان، فتخوف أن يمدهم غطفان، فبات فيه حتى أصبح فغدا إليهم، انتهى. ولما أنه صلى الله عليه وسلم أتى خيبر صلى بهم الصبح فركب وركب المسلمون فخرج أهل خيبر بمساحيهم ومكاتلهم ولا يشعر بل خرجوا لأرضهم فلما رأوا الجيش قالوا محمد والخميس وهو الجيش العظيم ثم رجعوا هاربين إلى مدينتهم فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "الله أكبر خربت خيبر، إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين" ولما دنا الرسول صلى الله عليه وسلم منها وأشرف عليها قال: "قفوا "، فوقف الجيش، فقال: "اللهم رب السموات السبع وما أضللن فإنا نسألك خير هذه القرية وخير أهلها وخير ما فيها، ونعوذ بك من شرها وشر أهلها وشر ما فيها، أقدموا باسم الله" ٢.

قلت: وفي هذا أبين دليل على أنه لا إله إلا الله وذلك إذا كان أفضل الخلق على الإطلاق صلى الله عليه وسلم ما له حول ولا قوة إلا بالله تعالى وسأل الله وألح وتضرع وطلبه خير القرية وخير أهلها وخير ما فيها، ويتعوذ به تعالى من شرها وشر أهلها وشر ما فيها، فكيف لغيره حول


١ انظر "السيرة النبوية" ٤/٢٥ و٤٠ بشرح الروض الأنف.
٢ المصدر السابق نفسه.

<<  <   >  >>