للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْحَيُّ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} . [غافر: ٦٤- ٦٥] .

وأما الفطرة فمعلوم بالضرورة من الكتاب والسنة وإجماع الأمة أنه لا زعم لأحد أن العالم له صانعان متكافئان في الصفات والأفعال بل ولا أثبت أحد من بني آدم إلهاً مساوياً لله في جميع صفاته، بل عامة المشركين بالله مقرون بأنه ليس له شريك مثله بل عامتهم مقرون أن الشريك الذي زعموا أنه مملوك لله سواء كان ملكاً أو نبيًّا أو كوكباً أو صنماً كما كان مشركو العرب يقولون في تلبيتهم لبيك لا شريك لك إلا شريك هو لك تملكه وما ملك، فأهلَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتوحيد: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك. وقد ذكر أرباب المقالات ما جمعوا من مقالات الأولين والآخرين في الملل والنحل والآراء والديانات فلم ينقلوا من أحد إثبات شريك مشارك في خلق جميع المخلوقات ولا مماثل له في جميع الصفات بل من أعظم ما نقلوا في ذلك قول الثنوية الذين يقولون بالأصلين النور والظلمة، وأن النور خلق الخير وأن الظلمة خلق الشر، ثم ذكروا لهم قولين أحدهما أنها محدثة فتكون من جملة المخلوقات، والثاني أنها قديمة لكنها لم تفعل إلا الشر، فتكون ناقصة في ذاتها وصفاتها ومفعولاتها عن النور، وأهل الفلسفة والطبع والنجوم الذين يجعلون هذه الفاعلات مصنوعة مخلوقة لا يقولون: أنها غنية عن الخالق مشاركة له في الخلق.

فأما من أنكر الصانع كالقول الذي أظهر فرعون فذلك جاحد بلسانه ولكنه بجنانه معترف ومذعن ومقر كما قال تعالى: {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوّاً} . [النمل: ١٤]

تنبيه: اعلم أن هؤلاء المخالفين إذا تأملت تناقض أقوالهم

<<  <   >  >>