الوسيلة بالأعمال الصالحة فهو ربهم وإلهه وحده لا شريك له.
الثالثة: أن من سواه يرجون رحمته ويخافون عذابه ويعلمون أن عذابه كان محذوراً، فهو الواحد الأحد المتفرد بالعز والجبروت والملك والملكوت وهو الحي الذي لا يموت، فإذا رفيت هذه الدرجة وما تضمن من الوحدانية حينئذ طولب بالدرجة الثانية الحب في الله والبغض فيه والموالاة في الله والمعاداة فيه والمشار إليه في قوله تعالى:{وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} . [الزخرف: ٢٦- ٢٨] . وقوله تعالى:{قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ} . [الممتحنة: ٤] . فينبغي لزارع الإيمان أن يستعين بالله في إنشاء عرقين من سويداء قلبه:
عرق المحبة لأهل الإيمان والتوحيد والطاعة.
وعرق البغض لأهل الشرك والكفر والنفاق أصلاً لأهل المعاصي فرعاً فإذا أنشأتهما من قلبك اسقهما بماء التصديق حتى يثمر عرق المحبة بالموالاة لأهل الحق من النصيحة لهم والدعاء لهم والبر والإحسان إليهم بحسب الطاقة والقدرة والذب عن أعراضهم وقضاء حوائجهم وإفشائهم بالسلام وعيادة مرضاهم وتشييع جنائزهم وغير ذلك من الحقوق، ويثمر العرق الثاني بالمعاداة لأهل الباطل من المجاهدة والتبري منهم وعدم الركون إليهم والتغليظ عليهم وعدم مواكلتهم ومجالستهم إذا رأى منهم العند والإعراض. عن ابن عباس "من أحب في الله وأبغض في الله وعادى في الله ووالى في الله فإنما