وقال البيضاوي: والرسول من غير واسطة، وكرامات الأولياء بواسطة الرسول صلى الله عليه وسلم كاطلاعنا على أموال الآخرة.
قلت: والرسول أيضاً بواسطة جبريل وهو رسول ملكي أمين من الله يبلغ الرسول البشري الغيب.
وقال الطيبي: الأقرب تخصيص الاطلاع بالظهور والخفاء اطلاع الأنبياء على الغيب أمكن وأقوى من اطلاع الأولياء يدل عليه حرف الاستعلاء في قوله تعالى: {عَلَى غَيْبِهِ} . فضمن يظهر معنى يطلع أي فلا يظهر الله على غيبه إظهاراً تامًّا وكشفاً جليًّا إلا من ارتضى من رسول، فإن الله إذا أراد أن يطلع النبي على الغيب يوحي إليه أو يرسل إليه ملك، وأما كرامات الأولياء فهي من قبيل التأمل واللمحات أو من جنس إجابة دعوة، وصدق فراسة فإن كشف الأولياء غير تام، قالت عائشة -رضي الله عنها-: من حدثك أن محمداً صلى الله عليه وسلم رأى ربع فقد كذب، فإن الله يقول:{لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} . [الأنعام: ١٠٣] . ومن حدثك أنه يعلم الغيب فقد كذب فإن الله يقول:{قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ} . [النمل: ٦٥] . فلذلك، أي عدم علمه بالغيب سأل صلى الله عليه وسلم الرجل عن موجب لبس الحلقة، قال: ما هذه؟ قال من الواهنة وفي ذلك أقطع دليل أنه صلى الله عليه وسلم لا يحكم بحكم إلا بعد علم اليقين، فلما علم مقصود الرجل أنه لبسها من الواهنة قال:"انزعها فإنها لا تزيدك إلا وهناً".
قلت: في قوله صلى الله عليه وسلم: انزعها بصيغة الأمر الدال على الوجوب والفور عند أهل العلم والتحقيق، دليل على أن الأفعال الشركية تزال على الفور وجوباً وكذلك الأماكن التي يفعل الشرك كما فعل