لما فيها من التعلق على غير الله في كشف الضر وجلب النفع، قد قال تعالى:{وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} . [الأنعام: ١٧] .
وما فيها من الهضم لجناب الربوبية، وقد قال تعالى:{قُلْ مَنْ ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُمْ مِنَ اللَّهِ إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوءاً أَوْ أَرَادَ بِكُمْ رَحْمَةً} . [الأحزاب: ١٧] . وقال تعالى:{مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ} . [فاطر: ٢] . الآية.
وما فيها من التوكل على غيره، وقد قال تعالى:{فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} . [المائدة: ٢٣] .
هذا والرسول صلى الله عليه وسلم كان من شأنه أن يحمي جناب التوحيد بكل وجه ويسد طرق الشرك من كل جهة حتى إنه صلى الله عليه وسلم حماه بابتعاده عن مظان الشرك حسماً للمادة.
في الصحيح عن أبي بشير الأنصاري أنه كان مع النبي صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره فأرسل رسولاً "ألاّ يبقينَّ في رقبة بعير قلادة من وتر أو قلادة إلا قطعت" ١. فإن القلادة التي للزينة ليست من الشرك ولكنه مظنة للشرك؛ لأنه يشبه التمائم في التعليق وأنه صلى الله عليه وسلم نهى عنها مطلقاً. فإن قلت: من أين يعرف الإطلاق؟ قلت: من قوله صلى الله عليه وسلم: أو قلادة بالتنكير والنكرة بعد النفي يفيد العموم، وأيضاً أنه صلى الله عليه وسلم قيد أولاً وقال ألا يبقين في رقبة بعير قلادة من وتر ثم أطلق وقال: أو قلادة نهياً للمشابهة ومظنة للشرك.
وعن ابن مسعود -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول
١ رواه البخاري (٣٠٠٥) ومسلم (٢١١٥) من حديث أبي بشير به.