للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وشدة القوة هم كما قال عنهم: {وَمَا مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقَامٌ مَعْلُومٌ} . [الصافات: ١٦٤] . يقول جبريل للنبي صلى الله عليه وسلم: "وما منا معشر الملائكة إلا له مقام معلوم نعبد الله تعالى فيه". قال ابن العباس: ما في السماوات موضع شبر إلا وعليه ملك يصلي أو يسبح. وروي عن أبي ذر عن النبي قال: "أطَّت السماء وحق لها أن تئط والذي نفسي بيده ما فيها موضع أربعة أصابع إلا وملك واضع جبهته ساجد لله عز وجل" ١. وقال السدي: إلا له مقام معلوم في القربة والمشاهدة، وقال أبو بكر الوراق: إلا له مقام معلوم يعبد الله عليه كالخوف والرجاء والمحبة والرضا، {وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ} . [الصافات: ١٦٥] . قال قتادة: هم الملائكة صفوا أقدامهم، وقال الكلبي، صفوف الملائكة في السماء للعبادة كصفوف الناس في الأرض لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون ومع ذلك كله ليس لهم قدرة سماع الوحي إذا قضى الله الأمر في السماء يغشى عليهم حين يسمعون الصوت.

في الصحيح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا قضى الله الأمر في السماء ضربت الملائكة بأجنحتها خضعاناً لقوله تعالى كأنه سلسلة على صفوان ينفذهم ذلك حتى إذا فزع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم قالوا الحق وهو العلي الكبير" ٢. وذلك أن المشركين كانوا يعبدون الملائكة زاعمين أنهم شفعاء لهم فبين سبحانه مقام عظمته وجبروته أنهم لا يسبقونه


١ أخرجه الترمذي (٢٣١٢) وابن ماجه (٤١٩٠) وأحمد (٥/١٧٣) من حديث أبي ذر -رضي الله عنه- مرفوعاً.
٢ أخرجه البخاري (٤٧٠١ و٤٨٠٠ و٧٤٨١) ، وابن خزيمة في "التوحيد" (٣٢٢١) ، وابن مندة في "الإيمان" (٧٠٠)

<<  <   >  >>