للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الصوم فإلى تدل على الغاية والحد المحدود فقط، فمعنى قوله تعالى: {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} . [الشورى: ٥٢] . إيضاح للطريق المستقيم وتنبيه لهم، قال تعالى: {وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ} . [النحل: ٦٤] . فأثبت الله للرسول صلى الله عليه وسلم الإيضاح والتبيين ونفى عنه الهداية التامة، قال تعالى: {وَمَا أَنْتَ بِهَادِي الْعُمْيِ عَنْ ضَلالَتِهِمْ إِنْ تُسْمِعُ إِلَّا مَنْ يُؤْمِنُ بِآياتِنَا فَهُمْ مُسْلِمُونَ} . [النمل: ٨١] . وقال -رحمه الله تعالى-: ومتى عدي باللام تضمن التخصيص، قلت: معناه أنه يتضمن معنى خاصًّا لا عامًّا، كقول أهل الجنة: الحمد لله الذي هدانا لهذا، أي لدخولنا الجنة، وقال -رحمه الله-: ومتى عدي بنفسه تضمن المعنى الجامع لذلك كله أن يعرفه إياه ويبينه له ويلزمه إياه. قلت: وهذا المعنى الجامع هو المنفي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو كذلك، ولكن الله يهدي الهداية التامة الجامعة من يشاء من عباده.

وأما السنة ففي الصحيح عن ابن المسيب عن أبيه قال: لما حضرت أبا طالب الوفاة جاءه رسول الله صلى الله عليه وسلم شفقة عليه لما رأى من النصح والاجتهاد فيما يصلح أمره صلى الله عليه وسلم ويذب عنه بمله وحاله وولده وصنع معه صنائع لم يصنعها أحد من الأقارب والأباعد لأحد وقصصه وأفعاله متواترة مشهورة لاسيما صبره معه في الشِّعْب ثلاث سنين على الجوع والعري حتى ذُكر أنه يُسمع أصوات نسائهم وصبيانهم يتضاغون من وراء الشعب من الجوع، وأيضاً قومته في كل نائبة جاءت الرسول من المشركين، ومع هذا كله كان مقرًّا مصدقاً بما يقول صلى الله عليه وسلم، وأثنى على النبي صلى الله عليه وسلم في قصيدته اللامية المشهورة التي أولها:

أعوذ برب الناس من كل طاعن ... علينا بسوء أو ملح بباطل

إلى أن قال:

<<  <   >  >>