للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

العرب تزعم أن كل نوء مطر ينسبونه إليه فيقولون: مطرنا بنوء كذا وكذا وإنما سمي نوءًا لأنه إذا سقط الساقط منها بالمغرب فالطالع بالمشرق ينوء أي ينهض ويطلع، وقيل: أراد بالنوء أنه السقوط إلا في هذا الموضع وإنما غَلَّظَ النبي صلى الله عليه وسلم في أمر الأنواء لأن العرب تنسب المطر إليها "ولا غول" ١. الغول واحد الغيلان وهي جنس من الجن والشياطين كانت العرب تزعم أن الغول في الفلاة تتراءى للناس فيتغول تغولاً أو يتلون تلوناً في صور شتى وتغولهم أي تضلهم عن الطريق ويهلكهم فنفاه النبي صلى الله عليه وسلم وأبطله، وقيل: قوله غول ليس نفياً لعين الغول ووجوده وإنما إبطال زعم العرب في تلونه بالصور المختلفة واغتياله ويشهد له الحديث الآخر ولكن السعالي والسعالى سحرة الجن أي ولكن في الجن سحرة لهم تلبيس وتخييل ومنه الحديث: "إذا تغولت الغيلان فبادروا بالأذان" ٢ أي ادفعوا شرها بذكر الله تعالى وهذا يدل على أنه لم يرد بنفيها عدمها ومنه حديث أبي أيوب: كان لي نمرة في سهوة وكانت الغول تجيء فتأخذه. قال الطحاوي: ويحتمل أن الغول قد كان ثم دفعه الله تعالى عن عباده، وعن بعضهم: هذا ليس ببعيد لأنه يحتمل أنه من خصائص بعثه صلى الله عليه وسلم كما منع الشياطين من استراق السمع بالشهاب الثاقب، واعلم أن (لا) التي لنفي الجنس دخلت على المذكورات ونفت ذواتها وهي غير منفية فتوجه النفي إلى أوصافها وأحوالها التي هي مخالفة للشرع قال العدوي: والصفر والهامة والنوء موجود والمنفي ما زعمت الجاهلية


١ أخرجه مسلم (٢٢٢٠) بزيادة: لا نوء، من حديث أبي هريرة ومن حديث جابر (٢٢٢٠/١٠٧) بزيادة: لا غول.
٢ رواه ابن عدي في "الكامل" (٥/١٠٧) من حديث سعد بن مالك مرفوعاً وفي سنده عمرو بن عبيد بن باب البصري المعتزلي القدري، متهم.

<<  <   >  >>